ما زلنا على قيد الحياة

الخميس، 16 يناير 2025

الأردن ودعمه لغزة: الحقيقة التي لا يمكن إنكارها

بقلم: موسى الدردساوي

mdardasawi@yahoo.com


لطالما كان الأردن، بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، في مقدمة المدافعين عن القضية الفلسطينية، ليس بالكلمات فحسب، بل بالأفعال التي تُثبت انتماءنا الأصيل لهذه الأرض التي تعيش في وجداننا. ومع اشتداد العدوان على غزة، كان من الطبيعي أن يتحرك الأردن سريعًا، مدفوعًا بمسؤولياته التاريخية والإنسانية تجاه الأشقاء في فلسطين، رغم أن الكثيرين فضلوا الصمت أو حتى الانحياز إلى حساباتهم السياسية الخاصة.

 

عندما بدأت الطائرات تقصف منازل المدنيين في غزة، وعندما تكدست الجثث في الشوارع والمستشفيات، لم يكن الأردن متفرجًا. تحركت قيادتنا بكل ما تملك من تأثير سياسي ودبلوماسي. جلالة الملك عبد الله الثاني، الذي لطالما عُرف بمواقفه الثابتة، لم يدخر جهدًا في طرق أبواب العالم للضغط من أجل وقف العدوان وإغاثة المحاصرين.

 

وعلى الأرض، كنّا نرى قوافل المساعدات الأردنية تعبر إلى غزة محملة بالغذاء والدواء، رغم الصعوبات التي فرضتها السياسات على المعابر. في وقت كان فيه معبر رفح مغلقًا لأيام طويلة، ورغم أن غزة كانت تختنق تحت الحصار، كان الأردن يواصل جهوده لإيجاد منافذ أخرى لإيصال المساعدات.

 

لا أنكر أنني شعرت بغصة عندما سمعت تصريحات من بعض قيادات حركة حماس تُشيد بدور وسطاء آخرين، متجاهلة تمامًا الدور الأردني. هذا التجاهل كان مؤلمًا، خاصة ونحن نعلم جيدًا أن الأردن لم يتوانَ يومًا عن دعم الفلسطينيين، حتى في أحلك الظروف. والأكثر إيلامًا أن هؤلاء الذين تجاهلونا يعلمون جيدًا من أغلق المعابر ومن استخدمها كورقة ضغط، ويعلمون أيضًا من احتضنهم يومًا وأخرجهم لاحقًا عندما تغيرت المصالح.

 

ومع ذلك، الأردن لم يعمل يومًا ليحصل على الإشادة. نحن نقوم بواجبنا تجاه غزة لأننا نؤمن بالحق والعدالة، ولأن فلسطين جزء من هويتنا. لكن تجاهل جهودنا، وكأنها لم تكن، أمر يستحق التوقف.

 

أقول هذا لأنني شاهدت بنفسي كيف كان الأردن يتحرك، وكيف كان جلالة الملك يقود الجهود الدولية لإنهاء معاناة أهل غزة، في وقت كان فيه العالم منشغلًا بمصالحه الخاصة. كنا وما زلنا في الصفوف الأولى، ليس بحثًا عن اعتراف أو شكر، ولكن لأننا نؤمن أن الوقوف مع فلسطين هو واجب لا يحتمل المساومة.

 

ختامًا، أقول لمن اختار إنكار دورنا أو تجاهله:

الحقيقة لا تُخفى. الأردن لم يتخلَّ يومًا عن القضية الفلسطينية، وسيبقى صوتًا للحق مهما كان الصمت من حوله مدويًا. ونحن، كأردنيين، سنبقى ندعم فلسطين بكل ما نملك، قيادةً وشعبًا، لأننا نؤمن أن التاريخ سيحفظ مواقف من اختاروا الوقوف إلى جانب الحق، وسيكشف في الوقت ذاته من تاجروا بالمعاناة لتحقيق مكاسبهم.

الثلاثاء، 14 يناير 2025

التكامل بين الرؤية الملكية والطاقة الشابة يقود الأردن نحو مستقبل رقمي واعد

بقلم: موسى الدردساوي 

mdardasawi@yahoo.com


يشهد الأردن مرحلة تاريخية متجددة من التقدم والابتكار بفضل رؤية القيادة الهاشمية التي تستند إلى التكامل بين الفكر الملكي المستنير والتوجيهات التنفيذية المحترفة.

في قلب هذه المرحلة، يبرز ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني كقائد شاب يضفي زخمًا استثنائيًا على جهود المملكة لتبني التكنولوجيا كركيزة أساسية للتنمية المستدامة.

بتوجيه من جلالة الملك عبدالله الثاني، تم تكليف رئيس الوزراء بتشكيل ورئاسة المجلس الوطني لتكنولوجيا المستقبل، وهو خطوة نوعية تؤكد التزام الأردن ببناء اقتصاد معرفي متين. ومع تولي ولي العهد متابعة هذا المجلس، تُترجم الرؤية الملكية إلى خطط عمل واقعية وطموحة تسعى إلى تحقيق تحول رقمي شامل يخدم جميع القطاعات.

ولي العهد، برؤيته الشابة والمتجددة، يُعد نموذجًا يحتذى به في تسخير التكنولوجيا لتحقيق أهداف تنموية طموحة. من خلال إدارته الحكيمة، يصبح المجلس الوطني لتكنولوجيا المستقبل منصة حيوية تجمع بين العقول المبدعة والطاقات الشابة والقطاعات المختلفة لوضع سياسات واستراتيجيات تستهدف تعزيز الابتكار وزيادة التنافسية على المستوى الإقليمي والعالمي.

إن الطموح الأردني في جعل التكنولوجيا وسيلة لتحسين جودة الحياة يتجلى بوضوح في المبادرات التي يشرف عليها ولي العهد.

فالتكنولوجيا لم تعد مجرد محرك اقتصادي، بل أصبحت وسيلة لتعزيز التعليم، وتطوير الخدمات الصحية، وتوفير فرص عمل مبتكرة للشباب، وتحقيق الاستدامة البيئية.

ما يجعل هذه الجهود ملهمة هو الإيمان الراسخ بقدرة الشباب الأردني على قيادة المستقبل. ولي العهد نفسه يُعد تجسيدًا لهذا الإيمان، حيث يعمل على خلق بيئة تحتضن الإبداع وتُحفز على التفكير الخلّاق، مما يجعل الأردن نموذجًا يُحتذى به في المنطقة.

في عالم يزداد تعقيدًا وسرعة، يظل الأردن بقيادته الحكيمة ورؤية ولي العهد الشابة والتزامه بالتكنولوجيا كأداة للتغيير الإيجابي، في طليعة الدول التي تسعى لتحقيق التنمية المستدامة والابتكار. هذه الجهود ليست فقط مصدر فخر للأردنيين، بل تُعد رسالة أمل وإلهام لدول المنطقة والعالم بأسره.


الاثنين، 13 يناير 2025

مجلس تكنولوجيا المستقبل: انطلاقة جديدة لنهضة الأردن الرقمية

بقلم: موسى الدردساوي 

mdardasawi@yahoo.com
 

في عالم يتغير بسرعة هائلة بفعل الثورة التكنولوجية، بات من الواضح أن الدول التي تستثمر في التكنولوجيا المتقدمة وتوظفها بفعالية هي التي ترسم معالم المستقبل. الأردن، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، وضع نفسه في قلب هذا التحول العالمي، مسلحًا برؤية استراتيجية تهدف إلى تحويل البلاد إلى مركز إقليمي ودولي للتكنولوجيا، ليس فقط لمواكبة التطورات، ولكن للمساهمة في تشكيلها.

التاريخ الأردني الحديث في قطاع التكنولوجيا يعكس استمرارية الالتزام الملكي بهذا المجال كأولوية وطنية. فمنذ بداية الألفية، شهدت المملكة قفزات نوعية، بدايةً بتأسيس بنية تحتية للاتصالات تعززت تدريجيًا لتشمل تقنيات متقدمة مثل خدمات الجيل الخامس، وحتى إطلاق مبادرات ريادية في مجال الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي. رؤية جلالة الملك لم تكن محصورة بالتحديث التقني فقط، بل ارتبطت بتطوير الإنسان كعنصر أساسي في هذا التحول. هذا الالتزام تجلى في مبادرات مثل مؤسسة ولي العهد وبرامج التدريب على البرمجة والمهارات الرقمية للشباب الأردني.

اليوم، مع تكليف جلالة الملك لرئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان بتشكيل مجلس وطني لتكنولوجيا المستقبل، يدخل الأردن مرحلة جديدة من التخطيط الاستراتيجي الممنهج في هذا القطاع. هذا المجلس يمثل استجابة واعية للتغيرات المتسارعة عالميًا، حيث أصبحت التكنولوجيا جزءًا لا يتجزأ من التنمية الاقتصادية والاجتماعية. يهدف المجلس إلى تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، ووضع خارطة طريق واضحة تستند إلى مؤشرات أداء قابلة للقياس، بما يضمن استدامة الجهود وتحقيق الأثر المنشود.

التوجهات العالمية اليوم تركز على مجالات حيوية مثل الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني، الحوسبة السحابية، وسلاسل الكتل (البلوك تشين). هذه الابتكارات لم تعد رفاهية، بل أصبحت أساسية لتحقيق النمو الاقتصادي وتعزيز السيادة الرقمية. إدراكًا لهذه الحقيقة، يعمل الأردن على الاستفادة من مزاياه التنافسية، مثل كوادره البشرية المؤهلة التي تجيد اللغات والتكنولوجيا، وتشريعاته المشجعة للاستثمار في قطاع التكنولوجيا. كما أشار سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، فإن الأردنيين ليسوا مجرد مستهلكين للتكنولوجيا، بل مبتكرون ومساهمون فيها، إذ يديرون 27% من الشركات الناشئة الرائدة في المنطقة، ويشكلون القوة المحركة وراء 75% من المحتوى العربي على الإنترنت.

رغم الإنجازات، فإن التحديات لا تزال حاضرة. أبرز هذه التحديات يتمثل في الحاجة إلى سد الفجوة الرقمية بين المناطق المختلفة داخل المملكة، وتعزيز التمويل الموجه للمشاريع الريادية. إضافة إلى ذلك، فإن المنافسة العالمية تتطلب بيئة تشريعية أكثر مرونة وقدرة على التكيف مع التطورات التقنية المتسارعة. ورغم ذلك، فإن هذه التحديات يمكن تحويلها إلى فرص من خلال رؤية استشرافية وخطوات تنفيذية مدروسة.

على المستوى الدولي، يظهر الأردن كشريك فاعل في المبادرات التكنولوجية الإقليمية والعالمية. المنتدى الأردني السنغافوري مثال بارز على قدرة المملكة على بناء شراكات دولية تعزز الابتكار وتبادل الخبرات. وبالمثل، فإن استثمارات الشركات العالمية في الأردن، مثل "ديلويت" و"بي دبليو سي"، تعكس الثقة المتزايدة في البنية التحتية الرقمية والكوادر الأردنية المتميزة.

لكن الأثر الأكبر لهذه الجهود لا يتوقف عند حدود الاقتصاد. التكنولوجيا أصبحت أداة للتنمية الشاملة، تساهم في تحسين جودة الحياة، وتعزيز التعليم، وتطوير الرعاية الصحية، وحتى مواجهة التحديات البيئية. الأردن، برؤيته الطموحة، يسعى لأن يكون نموذجًا يُحتذى به في كيفية استخدام التكنولوجيا لتحقيق التنمية المستدامة.

رؤية الملك عبدالله الثاني وسمو ولي العهد الأمير الحسين ليست مجرد خطة لتبني التكنولوجيا، بل هي مشروع وطني لبناء مستقبل جديد يتجاوز الحدود التقليدية للتنمية. إنها دعوة للشباب الأردني ليكونوا جزءًا من هذا التحول، وللقطاع الخاص ليشارك في بناء اقتصاد رقمي قوي ومستدام. إنها أيضًا رسالة للعالم بأن الأردن مستعد ليس فقط لمواكبة الثورة التكنولوجية، بل لقيادتها نحو آفاق أوسع.

بهذا، يصبح الأردن أكثر من مجرد دولة تعتمد على التكنولوجيا؛ بل يُرسي نموذجًا للعالم العربي في كيفية دمج التكنولوجيا في صميم التنمية، محققًا طموحات شعبه ومُرسخًا مكانته كقوة تكنولوجية صاعدة في المشهد العالمي.

الأحد، 12 يناير 2025

حكومة جعفر حسان: بين أعباء التغيير وأحلام الأردنيين

بقلم: موسى الدردساوي

mdardasawi@yahoo.com 

في زاوية صغيرة من سوق عمان القديم، جلس ابو أحمد يراقب بسطته الصغيرة التي تبيع الخضار، وعلامات القلق مرسومة على وجهه. كان صوت أحد المارة يعلو وهو يناقش مع صديقه آخر أخبار الحكومة والإصلاحات المنتظرة.

 "هل سيتغير شيء حقًا؟"

تساءل في صمت، بينما كان يفكر في ارتفاع الأسعار الذي بات يثقل كاهله، وفي مستقبل أبنائه الذين يواجهون شبح البطالة.

هذه المشاعر التي تختلج صدور الناس العاديين، مثل أبو أحمد، ليست إلا انعكاسًا لما يمر به الأردن بأسره.

حكومة جعفر حسان، التي جاءت في وقت يُثقل كاهل البلاد بأزمات اقتصادية واجتماعية عميقة، أصبحت رمزًا لمفترق الطرق الذي يقف عنده الأردنيون: إما المضي قدمًا نحو إصلاح حقيقي يعيد الأمل، أو البقاء في دوامة من التردد والجمود.

ما يجعل هذه الحكومة مختلفة هو التوقيت الحرج الذي تشكلت فيه. فبين ضغوط اقتصادية خانقة ومطالب شعبية تزداد حدتها يومًا بعد يوم، وجدت الحكومة نفسها أمام مسؤولية شاقة تتطلب مواجهة تحديات متشابكة. فمن جهة، هناك حاجة لإعادة هيكلة الاقتصاد وتقليل الاعتماد على المساعدات الخارجية. ومن جهة أخرى، هناك تحديث سياسي طال انتظاره، يعيد الثقة المفقودة بين المواطن والدولة.

في هذا السياق، لم يكن تنظيم انتخابات برلمانية نزيهة مجرد خطوة إجرائية، بل كان حدثًا له أبعاد رمزية عميقة. بالنسبة لأبو أحمد، وربما لغيره من المواطنين، كانت الانتخابات بمثابة نافذة صغيرة على مستقبل يمكن أن يكون أكثر شفافية وعدالة. لكنها أيضًا أثارت تساؤلات: هل ستُترجم هذه الانتخابات إلى سياسات تخدم مصالح المواطن العادي، أم ستظل مجرد نقطة في بحر الكلام الكبير عن الإصلاح؟

التحديات التي تواجه حكومة جعفر حسان ليست جديدة، لكنها اليوم أكثر إلحاحًا. الفجوة بين المواطن والمؤسسات الحكومية تعمقت على مدار عقود من الوعود التي لم تتحقق. الفساد الإداري والمصالح المتجذرة تقف كعقبات أمام أي تغيير حقيقي. ومع ذلك، فإن هناك شعورًا لدى البعض بأن هذه المرة قد تكون مختلفة، وأن الأردن لديه فرصة فريدة لتقديم نموذج يُظهر أن الإرادة السياسية والشجاعة يمكنهما تجاوز المعوقات.

فإن الإصلاحات الاقتصادية والسياسية التي تُطرح ليست فقط أرقامًا وتقارير تقدمها الحكومة، بل هي تجربة إنسانية تعيشها كل عائلة أردنية.

ففي قرية صغيرة في الكرك، يحلم شاب بإيجاد وظيفة تليق بتعليمه الجامعي.

وفي الزرقاء، تخطط أم لشراء كسوة المدارس لأبنائها وسط مخاوف من ارتفاع التكاليف. واما في العقبة، يقف محمود، الشاب الجامعي، متسائلًا كيف تحولت مدينته المليئة بالفرص الاقتصادية إلى مكان لا يجد فيه مكانًا للعمل. فقد أدرك أن الوظائف في المؤسسات الكبرى تُحجب عن أبناء المدينة لصالح قادمين من العاصمة عبر شبكات الواسطة والمحسوبيات. هذه القصص اليومية، التي تتكرر بأشكال مختلفة في أنحاء المملكة، هي التي تجعل التغيير ضرورة ملحة وليست رفاهية يمكن تأجيلها..

لكن هذه الحكومة، رغم التحديات، ليست محصنة ضد الانتقادات. يرى البعض أن الإصلاحات، رغم طموحها، تفتقر إلى العمق المطلوب لمعالجة المشكلات من جذورها. بينما يخشى آخرون أن تؤدي هذه الإصلاحات إلى زيادة الأعباء على الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع.

ومع ذلك، فإن الخيارات المتاحة تبدو محدودة: إما مواجهة التحديات بشجاعة، أو الاستسلام لها والبقاء في دائرة التراجع.

في نهاية المطاف، تجربة حكومة جعفر حسان ليست مجرد اختبار للإصلاحات الاقتصادية والسياسية، بل هي انعكاس لمعركة إنسانية يخوضها الأردن بأسره. إذا نجحت الحكومة في المضي قدمًا بخطوات عملية وجريئة، فإن أبو أحمد وأمثاله قد يجدون سببًا جديدًا للأمل.

 وإذا فشلت، فإن الأثر لن يكون على مستوى الأرقام فقط، بل سيُثقل كاهل الأرواح التي كانت تتطلع إلى مستقبل أفضل.

الأردن اليوم، كما هو حال أبو أحمد، يقف بين الحلم والواقع، بين الإرادة والخوف. نجاح هذه الحكومة أو فشلها لن يكون مجرد قصة سياسية، بل قصة إنسانية تحمل بين طياتها آمالًا وآلامًا، وترسم ملامح مستقبل قد يغير مصير شعب بأسره.