ما زلنا على قيد الحياة

السبت، 21 ديسمبر 2024

الأردن بين الحقيقة وأقلام التشويه: ردٌ على المدعو عطوان


 بقلم موسى الدردساوي

mdardasawi@yahoo.com

المدعو عبد الباري عطوان،
إن ما ورد في مقالك حول قمة العقبة ودور الأردن تجاه الأشقاء في سورية وفلسطين ليس إلا محاولة يائسة لتشويه الحقائق والطعن في مواقف المملكة الثابتة والمشرّفة. لكن، وبكل أسف، يبدو أن قلمك الذي طالما ادّعى الدفاع عن القضايا العربية قد أصبح أداة لتصفية الحسابات وترويج الأكاذيب التي لا تخدم سوى أجندات مشبوهة.

وهنا دعنا نضع الأمور في نصابها الصحيح. الأردن، بقيادته وشعبه، لم يساوم يومًا على مبادئه. استضاف الملايين من اللاجئين السوريين، وفتح أبوابه وقلبه لأبناء الشام في أحلك الظروف، حينما كانت دول أخرى تغلق حدودها وتدير ظهرها. وبينما كنت أنت تكتب مقالاتك من أبراجك العاجية، كان الأردن يدفع من اقتصاده وأمنه ثمن دعمه للضعفاء والمحتاجين، دون أن ينتظر شكرًا من أحد.

وبيما يخص فلسطين وغزة، فإن مواقف الأردن واضحة كالشمس ولا تحتاج إلى شهادة من قلمك. لطالما كان صوت الحق ضد الاحتلال الإسرائيلي، داعمًا لصمود الشعب الفلسطيني، وضامنًا للوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف . أين كنت أنت حينما كانت طائرات الإغاثة الأردنية تتجه إلى غزة؟ وأين كان قلمك عندما تصدّر الأردن الجهود السياسية لوقف العدوان؟

وإما اتهامك الأردن بأنه تابع لأوامر بلينكن ليس إلا محاولة بائسة لإقحام المملكة في رواياتك الزائفة. الأردن دولة ذات سيادة، وقراره السياسي مستقل، وهو من القلة التي ما زالت ترفع صوتها بوجه قوى الهيمنة العالمية، بينما تُفضل أنت وأمثالك الجلوس على هامش الأحداث، تهاجمون من يبني ويُضحي. إن أردت الحديث عن التبعية، فمن الأولى أن تنظر في مرآتك، حيث أصبحت مقالاتك أقرب إلى بروباغندا إيرانية مكشوفة، تخدم مصالح من يدفع أكثر، بدلاً من أن تكون صوتًا عربيًا نزيهًا.

لقد اتهمت الأردن ببيع نفسه، لكن دعني أذكّرك أن بيع المبادئ ليس من صفات الأردن، بل هو أسلوب يتقنه من باعوا قلمهم لمشاريع أجنبية وإقليمية. قلمك الذي انحاز في كثير من الأحيان لخطابات طهران وأذرعها في المنطقة فقد مصداقيته منذ زمن، وبات معروفًا أن ولاءه لا يخدم القضايا العربية بقدر ما يخدم المصالح التي تُملى عليك.

أيَا عطوان، إن محاولة الطعن في مواقف الأردن لن تنجح، لأن الحقائق أوضح من ادعاءاتك. إن كنت عاجزًا عن رؤية المواقف الشجاعة، وإن كنت مُصرًا على تسويق نفسك كناقد على حساب الحقيقة، فإن التاريخ سيحفظ مواقف الأردن المشرّفة، بينما سيظل قلمك مجرد صفحة في سجل المزايدات الفارغة.

الجمعة، 20 ديسمبر 2024

سمير الرفاعي: نقد صريح ودعوة لإعادة تصويب مسار التحديث السياسي في الأردن

بقلم : موسى الدردساوي 

mdardasawi@yahoo.com

في تصريحات أثارت اهتمام الأوساط السياسية، عبّر رئيس لجنة تحديث المنظومة السياسية، دولة سمير الرفاعي، عن قلقه العميق حيال مسار العمل الحزبي والسياسي في الأردن. الرفاعي، الذي قاد جهود التحديث بتكليف ملكي، وجه نقدًا شفافًا ومباشرًا إلى ممارسات قال إنها تهدد بتقويض الثقة بين المواطن والمؤسسات السياسية، وفي مقدمتها ظاهرة "الهندسة السياسية" التي أضعفت مصداقية المشهد الانتخابي.

الرفاعي لم يتردد في تسليط الضوء على تحديات رئيسية تواجه مشروع التحديث، أبرزها غياب البرامج الحزبية الفعّالة واستمرار ظاهرة شراء المقاعد. هذه التحديات، بحسب تصريحاته، تعكس فشلًا في تحقيق الأهداف الجوهرية للتحديث السياسي، محذرًا من أن اعتماد الأساليب التقليدية في تشكيل المشهد السياسي قد يفرغ المشروع من محتواه ويعيق تحقيق تطلعات الشارع الأردني.

أكد الرفاعي أهمية وقف التدخلات الرسمية في العملية الانتخابية، سواء على مستوى الانتخابات النيابية أو النقابية، مشددًا على ضرورة احترام إرادة الناخبين وضمان نزاهة العملية الانتخابية كخطوة أساسية لإعادة بناء الثقة. كما انتقد غياب تعريفات واضحة للاتجاهات السياسية، ما أدى إلى تحرك الأحزاب في فراغ فكري، مع التركيز على متطلبات شكلية بدلًا من تقديم رؤى واقعية تلبي طموحات المواطنين.

وأشار الرفاعي إلى عجز الأحزاب عن تقديم برامج قابلة للتنفيذ، مستشهدًا بوعود انتخابية غير واقعية مثل رفع الرواتب دون تحديد مصادر التمويل. هذا التخبط، وفقًا له، يعكس حاجة ماسة لإعادة بناء العمل الحزبي على أسس صلبة قادرة على قيادة مشروع التحديث السياسي.

مع اقتراب انتخابات النقابات المهنية في فبراير المقبل، يراها المراقبون فرصة حقيقية لاختبار مدى التزام مراكز القرار بمبدأ النزاهة السياسية. نجاح هذه الانتخابات سيكون مؤشرًا على صدق التوجه نحو التحديث واستعداد الدولة للتخلي عن ممارسات "الهندسة" والسماح للهيئات العامة بممارسة حقها في الاختيار بحرية.

تصريحات الرفاعي جاءت كرسائل واضحة إلى الأطراف المعنية كافة، من الأحزاب التي عليها مراجعة سياساتها وبرامجها، إلى مراكز القرار التي تواجه تحدي توفير بيئة سياسية نزيهة. نقده للتجربة السياسية لم يكن مجرد تشخيص للمشكلات، بل دعوة جادة لإعادة تقييم التجربة وضمان تحقيق الأهداف الوطنية المنشودة.

ختامًا، شدد الرفاعي على أن نجاح مشروع التحديث السياسي يتطلب إرادة سياسية صادقة، برامج حزبية نابعة من الواقع، وممارسات تتسم بالشفافية. ما طرحه يمثل خريطة طريق لبناء مستقبل سياسي أكثر استقرارًا، يرتكز إلى الثقة المتبادلة بين المواطن والمؤسسات، ويخدم الوطن بمصداقية ووضوح.