بقلم: موسى الدردساوي
mdardasawi@yahoo.com
لطالما كان الأردن، بقيادة جلالة الملك عبد الله
الثاني ابن الحسين، في مقدمة المدافعين عن القضية الفلسطينية، ليس بالكلمات فحسب،
بل بالأفعال التي تُثبت انتماءنا الأصيل لهذه الأرض التي تعيش في وجداننا. ومع
اشتداد العدوان على غزة، كان من الطبيعي أن يتحرك الأردن سريعًا، مدفوعًا
بمسؤولياته التاريخية والإنسانية تجاه الأشقاء في فلسطين، رغم أن الكثيرين فضلوا
الصمت أو حتى الانحياز إلى حساباتهم السياسية الخاصة.
عندما بدأت الطائرات تقصف منازل المدنيين في غزة،
وعندما تكدست الجثث في الشوارع والمستشفيات، لم يكن الأردن متفرجًا. تحركت قيادتنا
بكل ما تملك من تأثير سياسي ودبلوماسي. جلالة الملك عبد الله الثاني، الذي لطالما
عُرف بمواقفه الثابتة، لم يدخر جهدًا في طرق أبواب العالم للضغط من أجل وقف
العدوان وإغاثة المحاصرين.
وعلى الأرض، كنّا نرى قوافل المساعدات الأردنية
تعبر إلى غزة محملة بالغذاء والدواء، رغم الصعوبات التي فرضتها السياسات على
المعابر. في وقت كان فيه معبر رفح مغلقًا لأيام طويلة، ورغم أن غزة كانت تختنق تحت
الحصار، كان الأردن يواصل جهوده لإيجاد منافذ أخرى لإيصال المساعدات.
لا أنكر أنني شعرت بغصة عندما سمعت تصريحات من
بعض قيادات حركة حماس تُشيد بدور وسطاء آخرين، متجاهلة تمامًا الدور الأردني. هذا
التجاهل كان مؤلمًا، خاصة ونحن نعلم جيدًا أن الأردن لم يتوانَ يومًا عن دعم
الفلسطينيين، حتى في أحلك الظروف. والأكثر إيلامًا أن هؤلاء الذين تجاهلونا يعلمون
جيدًا من أغلق المعابر ومن استخدمها كورقة ضغط، ويعلمون أيضًا من احتضنهم يومًا
وأخرجهم لاحقًا عندما تغيرت المصالح.
ومع ذلك، الأردن لم يعمل يومًا ليحصل على
الإشادة. نحن نقوم بواجبنا تجاه غزة لأننا نؤمن بالحق والعدالة، ولأن فلسطين جزء
من هويتنا. لكن تجاهل جهودنا، وكأنها لم تكن، أمر يستحق التوقف.
أقول هذا لأنني شاهدت بنفسي كيف كان الأردن
يتحرك، وكيف كان جلالة الملك يقود الجهود الدولية لإنهاء معاناة أهل غزة، في وقت
كان فيه العالم منشغلًا بمصالحه الخاصة. كنا وما زلنا في الصفوف الأولى، ليس بحثًا
عن اعتراف أو شكر، ولكن لأننا نؤمن أن الوقوف مع فلسطين هو واجب لا يحتمل المساومة.
ختامًا، أقول لمن اختار إنكار دورنا أو تجاهله:
الحقيقة لا تُخفى. الأردن لم يتخلَّ يومًا عن
القضية الفلسطينية، وسيبقى صوتًا للحق مهما كان الصمت من حوله مدويًا. ونحن،
كأردنيين، سنبقى ندعم فلسطين بكل ما نملك، قيادةً وشعبًا، لأننا نؤمن أن التاريخ
سيحفظ مواقف من اختاروا الوقوف إلى جانب الحق، وسيكشف في الوقت ذاته من تاجروا
بالمعاناة لتحقيق مكاسبهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق