ما زلنا على قيد الحياة

الاثنين، 30 ديسمبر 2024

منظومة التحديث السياسي في الأردن: بين النقد البناء والإصلاح المستمر


 بقلم: موسى الدردساوي

mdardasawi@yahoo.com

يمثل التحديث السياسي في الأردن علامة فارقة وخطوة رائدة نحو تعزيز مفهوم الديمقراطية الحقيقية وبناء نظام سياسي ينسجم مع الرؤية الملكية وطموحات الأردنيين.

وقد جاءت وثيقة اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية خارطة طريق، تجسد الرؤية الملكية لإحداث تحول شامل في العمل الحزبي والنيابي، بما يضمن تطوير الحياة السياسية وتمكين المواطنين من المشاركة الفاعلة في صناعة القرار، وهي خطوة نعتز بها ونحرص على نجاحها.

في سياق التحديث، يبرز النقد البناء كأداة أساسية لتقييم المسار، لكن دون أن يتحول إلى جلد للذات أو تقزيم للإنجازات، فالحديث عن التحديات أو بعض جوانب القصور لا يعني تشكيكًا في الإرادة السياسية أو تقويضًا لنتائج الانتخابات بل على العكس، يُعد الاعتراف بالأخطاء وتصحيحها خطوة متقدمة نحو تعزيز مسيرة الإصلاح التي تجسد الرؤية الملكية “بما يعزز الهوية الجامعة ومسيرة التنمية والتحديث التي تليق بمستقبل الأردن والأردنيين”.

لقد كانت الانتخابات الأخيرة محطة مهمة على طريق الإصلاح، حيث أظهرت نزاهة العملية واحترام إرادة الشعب، لكنها في الوقت نفسه سلطت الضوء على تحديات تستوجب المعالجة. من أبرزها ضعف قدرة بعض الأحزاب على التواصل الفعال مع الناخبين وغياب البرامج الواقعية التي تلبي احتياجاتهم. كما برزت ظاهرة “الهندسة السياسية” كعامل قد يؤثر على الثقة المتبادلة بين المواطن والمؤسسات، مما يتطلب وقفة جدية لإعادة التوازن وبناء الثقة.

إن إعادة النظر في أداء الأحزاب السياسية وتطوير أدواتها بات أمرًا ضروريًا. فالعمل الحزبي يحتاج إلى التزام بالنزاهة والشفافية بعيدًا عن أي وصاية أو تدخل، لضمان تفاعل أكبر مع الشارع الأردني وتحقيق تمثيل حقيقي لتطلعات المواطنين. الانتخابات القادمة تمثل فرصة مهمة لظهور برامج حزبية قوية تترجم رؤية الأردن المستقبلية، وتدفع بعجلة الإصلاح نحو الأمام.

الأردن اليوم يسير بثبات نحو ترسيخ قيم الديمقراطية، مستندًا إلى رؤية قيادية حكيمة ووعي شعبي يتطلع إلى غدٍ أفضل. نجاح هذه المسيرة يعتمد على تعزيز الوحدة الوطنية والعمل المشترك لتجاوز التحديات، مع مراجعة مستمرة لمسار التحديث السياسي وقانون الانتخابات. هذه المراجعة ليست فقط ضمانًا لتحقيق العدالة والشمولية، لكنها أيضًا خطوة أساسية نحو بناء مستقبل أكثر إشراقًا للأردن، بما يعزز الثقة، ويقوي الجبهة الداخلية، ويضع الأردن على طريق التقدم والازدهار.


حصاد 2024: الأردن بين التحديات الإقليمية والإنجازات المحلية

بقلم: موسى الدردساوي 

mdardasawi@yahoo.com

مع اقتراب نهاية عام 2024، يبرز الأردن كدولةٍ خطت خطواتٍ واثقة نحو تحقيق التنمية الشاملة في مختلف المجالات، بقيادة حكيمة لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، الذي أكد مرارًا أن الإنسان الأردني هو محور التنمية وغايتها.

التحديث السياسي: رؤية ملكية طموحة

شهد العام 2024 تقدمًا ملموسًا في تنفيذ منظومة التحديث السياسي والاقتصادي التي أطلقها جلالة الملك، لترسيخ المشاركة الشعبية وتعزيز الحياة الحزبية. فقد أُقرت حزمة من القوانين الداعمة للتعددية السياسية، بهدف بناء مؤسسات حزبية قوية تمتلك برامج عملية قادرة على إحداث تغيير إيجابي.

أبرز نتائج هذا التحديث:

·       زيادة نسبة المشاركة في الانتخابات، خاصة بين فئة الشباب الذين أصبحوا يرون في الأحزاب وسيلة للتغيير.

·       تعزيز مشاركة المرأة في العمل السياسي، من خلال تخصيص المزيد من المقاعد لها في البرلمان والمجالس المحلية، وتشجيعها على الترشح والقيادة.

·       تقوية دور المجتمع المدني ليكون شريكًا رئيسيًا في عملية صنع القرار، مما ساهم في رفع مستوى الوعي السياسي لدى المواطنين.

والتي توجت في الانتخابات الأخيرة كمحطة مهمة على طريق الإصلاح، والتي اثبتت نزاهة العملية واحترام إرادة الشعب،

السياسة الخارجية: صوت العقل في منطقة مضطربة

على الصعيد الإقليمي والدولي كان الأردن، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، نموذجًا للدولة التي تتبنى الحوار والعقلانية في التعامل مع التحديات الإقليمية والدولية.

وفي عام 2024، واصل الأردن دوره المحوري كصوت للاعتدال والاستقرار في منطقة تعج بالصراعات والتقلبات، من خلال مواقف حكيمة ودبلوماسية نشطة تهدف إلى تحقيق السلام وتعزيز التعاون بين الشعوب.

كما أظهرت السياسة الخارجية الأردنية قدرة استثنائية على المناورة وسط أزمات إقليمية معقدة، حيث ركزت الجهود على تحقيق التوازن بين المصالح الوطنية ومتطلبات الأمن الإقليمي والدولي. وبرزت القيادة الأردنية كعامل توازن في القضايا المحورية، معززة مكانة المملكة كوسيط موثوق ومؤثر.

وقد تصدرت القضية الفلسطينية الأجندة الملكية، حيث بذل جلالته جهودًا دبلوماسية مكثفة لدعم صمود الشعب الفلسطيني، ووقف العدوان على غزة. كما كان للأردن دور محوري في دعم الاستقرار في سوريا ولبنان، والتعامل مع تداعيات الحرب الأهلية في السودان.

القضية الفلسطينية: في صدارة الأجندة الملكية

أبرز الجهود الملكية:

·       إطلاق حملة دبلوماسية عالمية للضغط على المجتمع الدولي من أجل اتخاذ موقف حازم ضد الانتهاكات الإسرائيلية.

·       قيادة المساعي الدولية والامامية لإدامة إرسال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى الأهل في قطاع غزة ونجح في إيجاد مسار جديد لإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة مباشرة عبر جسر الملك حسين.

·       تعزيز الدور الأردني كوصي على المقدسات، حيث تكثفت الجهود لحماية المسجد الأقصى من محاولات التهويد.

·       إطلاق منصات تعليمية رقمية تدعم التعليم عن بُعد موجهة لأطفال غزة وفلسطين

·       الدعوة الى مؤتمرات إقليمية ودولية جمعت قادة العالم لبحث سبل تحقيق السلام العادل والدائم في المنطقة.

الأزمة السورية: دعم الحل السياسي

ومع تسارع التحولات في سوريا بعد إسقاط نظام الأسد، كان الأردن من بين الدول القليلة التي حافظت على موقف ثابت يدعو إلى حل سياسي شامل يحفظ وحدة الأراضي السورية ويعيد الاستقرار للشعب السوري.

الدور الأردني في الأزمة السورية:

·       استمرار استضافة اللاجئين السوريين رغم الأعباء الاقتصادية، مما عكس التزام المملكة بدورها الإنساني.

·       دعم الجهود الدولية لإعادة الإعمار وتهيئة الظروف لعودة اللاجئين إلى ديارهم.

·       التنسيق مع الدول الكبرى لتأمين الحدود الأردنية من أي تهديدات أمنية ناجمة عن التحولات في سوريا.

لبنان والسودان: دعم الاستقرار ومواجهة الأزمات

كما لعب الأردن دورًا مهمًا في دعم استقرار لبنان، الذي شهد حربًا مع إسرائيل خلال عام 2024، من خلال تقديم مساعدات إنسانية، ودعم الحلول السلمية للأزمة. كما لم يدخر جلالة الملك جهدًا في دعوة المجتمع الدولي للوقوف إلى جانب السودان، الذي يعاني من حرب أهلية مدمرة.

إسهامات الأردن:

·       تقديم مساعدات طبية وإنسانية للشعب اللبناني عبر الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية.

·       العمل مع الاتحاد الإفريقي والمجتمع الدولي لدعم جهود وقف القتال في السودان.

·       المساهمة في مبادرات إقليمية تهدف إلى تحقيق تسوية سلمية للأزمات.

العلاقات الدولية: تعزيز الشراكات الاستراتيجية

في عام 2024، شهدت السياسة الخارجية الأردنية تعزيزًا للعلاقات مع القوى الكبرى والجهات الدولية. حيث حرص جلالة الملك عبدالله الثاني على تنويع الشراكات الاقتصادية والعسكرية، بما يخدم مصالح الأردن ويعزز دوره الإقليمي.

الحكمة الأردنية في مواجهة الأزمات العالمية

إلى جانب دوره الإقليمي، لعب الأردن دورًا في مواجهة التحديات العالمية مثل تغير المناخ والأمن الغذائي. فقد دعا الملك عبدالله الثاني إلى تكثيف الجهود الدولية للتعامل مع الأزمات الإنسانية، خاصة في ظل النزاعات التي تسببت في نزوح الملايين.

رؤية ملكية للأمن والسلام

تستند السياسة الخارجية الأردنية إلى مبادئ واضحة قوامها دعم الأمن والسلام، وتعزيز التعاون الدولي، والدفاع عن الحقوق المشروعة للشعوب. وقد أكد الملك عبدالله الثاني مرارًا أن الأردن سيبقى ملتزمًا بدوره في بناء جسور الحوار وحل النزاعات بالطرق السلمية.

رغم التحديات، يواصل الأردن بقيادته الحكيمة رسم طريقه نحو مستقبل واعد. الإنجازات التي تحققت في عام 2024 ليست سوى بداية لمسيرة طموحة تستهدف تحقيق رؤية وطنية تجعل المملكة نموذجًا رياديًا في المنطقة.

ومع اقتراب عام 2025، يبقى الشعب الأردني متماسكًا خلف قيادته، مؤمنًا بأن القادم أفضل، وأن الأردن، كما كان دائمًا، سيظل منارة للاستقرار والازدهار.