ما زلنا على قيد الحياة

الأربعاء، 5 فبراير 2025

أجندات حزبية أم تطلعات مهنية؟ الانتخابات القادمة لنقابة المهندسين في قلب الصراع

بقلم: موسى الدردساوي

mdardasawi@yahoo.com

انتخابات نقابة المهندسين الأردنيين في النصف الأول من شهر شباط تُطرح تساؤلات جوهرية حول مستقبل النقابة ورؤيتها المهنية، إذ أصبحت العملية الانتخابية ساحة للمنافسة على النفوذ تجمع بين التطورات المهنية والتوجهات السياسية. هذا التداخل الذي يثير قلق البعض، خاصةً مع اعتبار التجديد القيادي ضرورة ملحّة لتطوير المهنة ومواجهة التحديات الاقتصادية والتقنية التي تعصف بقطاع الهندسة في الأردن. يظهر تدخل بعض الجهات بالإضافة الى بعض التيارات السياسية في الانتخابات كوسيلة لفرض أجندات حزبية قد لا تتوافق مع متطلبات العمل النقابي الحقيقية، مما يستدعي تأملاً جاداً في الحفاظ على استقلالية النقابة كمؤسسة مهنية تسعى لتحقيق مصالح أعضائها على أساس الكفاءة والخبرة وليس على ضوء الانتماءات السياسية.

وقد حدد مجلس النقابة مواعيد إجراء الانتخابات وفق نظام دقيق يشمل انتخابات مجالس الفروع ومجالس الشعب الهندسية، تليها مراحل لاحقة تشمل انتخابات مجلس النقابة، وهو ما يعكس حرص الهيئات الإدارية على تنظيم العملية الانتخابية بما يضمن نزاهتها وشفافيتها.

ومع ذلك، يبقى التدخل السياسي عاملًا مثيرًا للقلق، إذ يسعى بعض الأطراف إلى استغلال هذه العملية لترسيخ نفوذها داخل مؤسسات كان ينبغي أن تبقى محايدة عن النزاعات الحزبية.

وفي هذا السياق، يحذر الخبراء من أن خلط الأهداف المهنية بالمصالح الحزبية قد يؤدي إلى تغيير معالم النقابة بشكل يخدم توجهات سياسية ضيقة، مما يؤثر سلباً على جودة الخدمات المقدمة للمهندسين وعلى قدرة النقابة في الدفاع عن حقوقها ومصالحها المهنية في مواجهة التحديات المتزايدة مع المطالبة بالعودة الى اعتماد القائمة النسبية المفتوحة لانتخابات الفروع والشعب والهيئة المركزية للمهندسين

وتستند هذه المخاوف إلى تجارب تاريخية تُظهر بوضوح كيف أدت محاولات بعض الأحزاب السياسية إلى فرض سيطرتها على هيكل النقابة، مما أسفر عن نتائج سلبية تترجم إلى انتكاسات مالية وإدارية كبيرة. فمن المعروف أن بعض التيارات الحزبية استغلت نفوذها للتدخل في شؤون النقابات المهنية، الأمر الذي أدى إلى سوء إدارة الموارد، مما حول النقابة من مؤسسة تهدف إلى خدمة مصالح أعضائها إلى أداة لتحقيق مكاسب سياسية ضيقة.

وفي بعض الحالات، أثبتت هذه التدخلات فشلها؛ فقد شهدت بعض فروع النقابة انهيارات مالية وتراكم ديون، كما أدت إلى تعطيل الإجراءات الإدارية الأساسية التي كان من شأنها تحسين أداء النقابة وتعزيز حقوق المهندسين.

إن هذه التجارب التاريخية تُعد درساً مهماً وحافزاً لإعادة النظر في أهمية الفصل بين السياسة والمهنية، إذ يجب أن تظل النقابة مؤسسة مستقلة تعمل على تطوير بيئة العمل وتحسين أداء أعضائها دون أن يتداخل فيها التأثير الحزبي.

وفي ظل الظروف التنظيمية الدقيقة وإجراءات استقبال طلبات الترشح التي تضمن استيفاء المتقدمين للخبرة المهنية المطلوبة، يواجه القائمون على تنظيم الانتخابات تحدياً مزدوجاً يتمثل في تحقيق التوازن بين تجديد القيادة المهنية ومكافحة محاولات استغلال العملية الانتخابية لتحقيق مكاسب حزبية. وفي هذا الإطار، تبرز أهمية اعتماد آليات رقابية وإدارية صارمة تضمن نزاهة التصويت والفرز، وتحافظ على المسار النبيل للعمل النقابي في مواجهة التحديات الاقتصادية والتقنية.

إن حماية النقابة من التدخلات الحزبية لا تعني إنكار الدور السياسي في الحياة العامة، بل تؤكد على ضرورة أن تظل النقابة مؤسسة مهنية تهدف أولاً وقبل كل شيء إلى تعزيز مستوى الأداء والإبداع بين المهندسين، وتقديم الدعم اللازم لتطوير بيئة العمل بما يتماشى مع متطلبات العصر وتحدياته.

ومن هنا، تُعتبر هذه العملية الانتخابية دعوة لكل الأطراف المعنية، سواء من داخل النقابة أو خارجها، إلى إعادة النظر في أهمية الفصل بين السياسة والمهنية، لضمان أن تظل النقابة قادرة على أداء دورها الأساسي في الدفاع عن حقوق المهندسين وتطوير مهنة الهندسة في الأردن.

 


قائدٌ يُضيء درب الأمة بقلب الأب وإرادة الحاكم

بقلم: موسى الدردساوي

mdardasawi@yahoo.com

في الثلاثين من كانون الثاني، يتوهّج قلب الأردن بنبضات الفرح والاعتزاز، إذ يحمل هذا اليوم عبق التاريخ ورائحة الأرض التي شهدت ميلاد قائد استثنائي.

عيد ميلاد جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين ليس مجرّد مناسبةٍ عابرةٍ في الروزنامة، بل هو محطةٌ سنوية تتجدد فيها معاني الولاء والانتماء، وتتعالى فيها أصوات الحب والدعاء لقائدٍ أخلص لوطنه وأمته.

في ذلك اليوم من عام 1962، كان الأردن على موعدٍ مع الأمل حين وُلد عبدالله، الوريث الشرعي للإرث الهاشمي الذي يمتد كالنهر بين ضفتي العروبة والإسلام.

ومنذ تلك اللحظة، كان المستقبل يخطّ بمدادٍ من نور سيرة قائدٍ وُلد ليحمل الأمانة الثقيلة، ولينمو في قلب الشعب وبين أبنائه كواحدٍ منهم، يعيش آمالهم وآلامهم، يشاركهم الأحلام ويقاسمهم الأوجاع.

لقد كانت كلمات المغفور له الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه في لحظة ميلاد جلالة الملك عبدالله، أشبه بنبوءةٍ صادقةٍ رسمت ملامح المستقبل. قالها الأب بفخر: “ولسوف يكبر عبدالله ويترعرع في صفوفكم وبين إخوته وأخواته… وسيعرف كيف يكون كأبيه، الخادم المخلص لهذه الأسرة، والجندي الأمين في جيش العروبة والإسلام.” وها نحن اليوم، بعد عقودٍ من تلك اللحظة المهيبة، نشهد تحقق هذه الكلمات في مسيرة قائدٍ جمع بين الحكمة والقوة، وبين الحزم والرحمة.

منذ توليه العرش عام 1999، أثبت جلالة الملك عبدالله الثاني أنه قائدٌ بحجم التحديات، رجلٌ لا يعرف التردد حين يتعلق الأمر بمصلحة شعبه وأمته. حمل قضايا وطنه في المحافل الدولية، ودافع عن الحق الفلسطيني بوصفه قضية الأمة المركزية. قاد بلاده في أحلك الظروف، في زمن التحولات الكبرى والإقليم الملتهب، مُتمسكًا بثوابت الأردن الراسخة ومُوجّهًا بوصلة الوطن نحو الأمن والاستقرار.

ولكن ما يميز جلالة الملك عبدالله الثاني ليس فقط حنكته السياسية وقيادته الرشيدة، بل قلبه الكبير الذي ينبض بحب كل أردني وأردنية. فهو القائد الذي لا يفوته أن يعزّي في مصابٍ أو يهنّئ في مناسبة، يزور بيتًا في قرية نائية، أو يجلس مع شبابٍ وشاباتٍ يخطّون أحلامهم. إنه القائد القريب من شعبه، الذي لا تغريه أبراج السلطة عن السكن في قلوب الأردنيين.

في عيد ميلاده الثالث والستين، نقف جميعًا إجلالًا واحترامًا لقائدٍ علّمنا أن القيادة ليست لقبًا، بل التزامٌ ومسؤولية. في هذا اليوم، نتوجه إلى الله بالدعاء أن يمدّ في عمر جلالة الملك عبدالله الثاني ويديم عليه الصحة والعافية، ليظل راعيًا لمسيرة البناء والعطاء..

في عيد ميلادك، يا صاحب الجلالة، لا نملك إلا أن نقف احترامًا لإرادتك التي صنعت من هذا الوطن درةً نادرةً في محيطٍ مضطرب، ولقلبك الذي وسع كل أبناء الأردن. نسأل الله أن يمدّ في عمرك، وأن يبقى الأردن بهديك وطنًا للأمل، كما أرادَه الهاشميون منذ مئة عام.

عاش الأردن.. عاش الهاشميون.. وعاش الملك عبدالله الثاني، قائدًا يُضيء الدرب بأملٍ لا ينضب

 

ثبات أردني تاريخي رداً على محاولات العبث بالقضية الفلسطينية: لاءات الملك خطوط حمراء لا تُمس


 بقلم: موسى الدردساوي

mdardasawi@yahoo.com

في تصريح استفزازي وغير واقعي، أشار ترامب إلى إمكانية تهجير أكثر من مليون فلسطيني من قطاع غزة إلى الأردن ومصر كجزء من “حل” للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. هذا الطرح لم يكن مجرد اقتراح عابر، بل اعتُبر محاولة لإحياء مشاريع قديمة تسعى إلى تصفية القضية الفلسطينية عبر نقل العبء السياسي والإنساني إلى دول الجوار.

الأردن، الذي لطالما اعتبر القضية الفلسطينية ورعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين والحفاظ على هوية القدس العربية والإسلامية جزءًا لا يتجزأ من هويته الوطنية ووجدانه الشعبي، ولم يكن يومًا متفرجًا على معاناة الفلسطينيين.

منذ تأسيس المملكة الأردنية الهاشمية، كان الموقف الأردني ثابتًا وواضحًا، يرتكز على دعم الحقوق الفلسطينية المشروعة والرفض القاطع لأي حديث عن التوطين أو الوطن البديل ورغم الضغوط التي تعرض لها عبر العقود الماضية، ظل الأردن، بقيادته الهاشمية وشعبه، متماسكًا وصامدًا.

اللاءات الثلاث التي رسخها جلالة الملك عبد الله الثاني: لا للتوطين، لا للوطن البديل، ولا للتنازل عن القدس، لم تكن شعارات فارغة، بل خطوط حمراء تجسد موقفًا وطنيًا وسياسيًا يستند إلى إرث تاريخي ووعي شعبي لا يقبل المساومة. هذه الثوابت ليست فقط درعًا يحمي الهوية الوطنية الأردنية، بل هي أيضًا رسالة واضحة لكل من يحاول العبث بأمن الأردن واستقراره.

الأردن، الذي فتح أبوابه للاجئين الفلسطينيين عبر العقود، لم يتعامل معهم كأعباء بل كجزء من نضال مشترك لتحقيق العدالة.

 ومع ذلك، فإن أي محاولة لاستغلال هذا التاريخ الإنساني والسياسي لفرض حلول غير عادلة لن تجد لها مكانًا في الوجدان الأردني وتصطدم بجدار صلب من الرفض الأردني، الذي يتكاتف فيه الشعب مع القيادة.

الشعب الأردني، الذي يدرك أن الحفاظ على حقوق الفلسطينيين هو جزء من الدفاع عن سيادته واستقراره، يقف صفًا واحدًا مع قيادته في رفض كل ما يمس وحدة الأردن وهويته وفي الوقت ذاته، يستمر في رفع راية العدل والشرعية الدولية، مطالبًا بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران67 وعاصمتها القدس الشرقية، باعتبار ذلك السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والشامل.

وان محاولات زرع الفتنة بين الشعبين الأردني والفلسطيني أو التشكيك في مواقف الأردن ستبوء بالفشل فالرد الأردني على هذه المحاولات دائمًا يكون بالمزيد من الوحدة والثبات على المبادئ التي شكلت عبر تاريخه درعًا حصينًا للقضية الفلسطينية، وسيبقى كذلك، رغم كل التحديات والمؤامرات.

في النهاية، يبقى الأردن، بقيادته الهاشمية الحكيمة وشعبه الواعي، رمزًا للثبات على المبادئ الوطنية والقومية والتصريحات التي تتناول قضايا تهجير الفلسطينيين، مهما كانت استفزازية، لن تغير من حقيقة أن الأردن كان وسيظل شريكًا للشعب الفلسطيني في نضاله المشروع.

هذه رسالة واضحة لكل من يحاول العبث باستقرار المنطقة: الأردن أقوى بوحدته، وشعبه وأكثر إصرارًا على الحفاظ على حقوقه وهويته، رافعًا راية الكرامة الوطنية فوق كل اعتبار.