ما زلنا على قيد الحياة

الاثنين، 9 ديسمبر 2024

سقوط الأسد: نهاية عهد أم بداية فصل جديد؟


 بقلم : موسى الدردساوي 

mdardasawi@yahoo.com

بعد أكثر من عقد من الحرب الطاحنة، جاء سقوط بشار الأسد كحدث درامي قلب المشهد السوري رأسًا على عقب. لحظة كانت متوقعة منذ سنوات، لكنها حملت معها من التعقيد أكثر مما حملت من الوضوح. هل يشكّل سقوط الأسد نهاية عهدٍ مظلم أم بداية فصل جديد من المأساة السورية؟

لم يكن سقوط الأسد وليد لحظة مفاجئة، بل نتاج سنوات من التدهور المتراكم. داخليًا، أوصلت الأزمات الاقتصادية البلاد إلى حافة المجاعة، فيما فقد النظام شرعيته في عيون شعبه ومؤيديه.

أما خارجيًا، فقد بدا أن القوى الدولية اتفقت ضمنيًا على ضرورة رحيله كجزء من تسويات أوسع لإعادة ترتيب المنطقة، رغم تضارب المصالح.

لكن هذا السقوط لم يجلب الحل المنتظر. عوضًا عن ذلك، فتح الباب أمام فراغٍ خطير في السلطة، هرعت على أثره قوى إقليمية ودولية لملئه، كلٌ وفق حساباته.

ففي ظل انهيار النظام، كانت إسرائيل الأسرع في استغلال الوضع، لتعزيز سيطرتها على الجولان المحتل وتأمين حدودها من أي تهديد محتمل.

أما الولايات المتحدة، فأعلنت عبر قيادتها المركزية تنفيذ ضربات مكثفة استهدفت 75 موقعًا وسط سوريا، بدعوى منع تنظيم "داعش" من استغلال الفوضى.

وفي الشمال، برزت تركيا كطرف فاعل، مستفيدة من نفوذها العسكري وتعزيز سيطرتها على مناطق الحدود الشمالية. بهدف تأمين حدودها وإحكام قبضتها على الشمال السوري كجزء من رؤية طويلة الأمد تخدم مصالحها الأمنية والسياسية.

ومع تراجع المدافع وصمت القتال، بات المشهد السوري أكثر هشاشة من أي وقت مضى.

اليوم، تبدو سوريا كفسيفساء ممزقة، مع مناطق تتنازعها قوى متعددة: الأكراد المدعومون من واشنطن في الشمال، النفوذ التركي في الشمال الغربي، وسيطرة ميليشيات إيران وحزب الله في الجنوب والغرب.

وسط هذه الانقسامات، يبقى مستقبل سوريا غامضًا. هل تستطيع تجاوز الفوضى، أم تسير نحو تقسيم دائم؟ فبين الخراب والصراعات، لا يزال الشعب السوري يحمل إرثًا من الصمود، لكن هل يكفي هذا الأمل لإعادة بناء وطن دمرته الحرب؟ الزمن وحده كفيل بالإجابة.