ما زلنا على قيد الحياة

الاثنين، 17 أكتوبر 2011

ابو عكازة: ماذا تعني (( حب الوطن )) ؟؟

ابو عكازة: ماذا تعني (( حب الوطن )) ؟؟: شعورٌ كمْ خفقت به القلوب، وشوقٌ كم كلَفَت به الأفئدةُ، وحنينٌ يزلزل مكامنَ الوجدان، حبٌّ أطلقَ قرائحَ الشعراءِ، وهوى سُكبت له محابر الأدباء...

ماذا تعني (( حب الوطن )) ؟؟


شعورٌ كمْ خفقت به القلوب، وشوقٌ كم كلَفَت به الأفئدةُ، وحنينٌ يزلزل مكامنَ الوجدان، حبٌّ أطلقَ قرائحَ الشعراءِ، وهوى سُكبت له محابر الأدباءِ، وحنينٌ أمضّ شغافَ القلوب، وإلفٌ يأوي إليه كرام النفوس، حبٌّ لم تخلُ منه مشاعر الأنبياء، ووُدٌ وجدَ في قلوب الصحابة والأصفياء، بل هو شعور تغلغل في داخل الحيتان تحت الماء، ورفرفت لأجله أجنحة الطير في السماء، إنه حب الأوطان.

قال أهل الأدب: "إذا أردت أن تعرف الرجل فانظر كيف تحننه إلى أوطانه، وتشوقه إلى إخوانه، وبكاؤه على ما مضى من زمانه".

والمحبة للأوطان والانتماء للأمة والبلدان أمرٌ غريزيٌ، وطبيعةٌ طبعَ اللهُ النفوس عليها، وحينَ يولدُ الإنسانُ في أرضٍ وينشأُ فيها فيشربُ ماءَها، ويتنفسُ هواءَها، ويحيا بين أهلها؛ فإن فطرته تربطه بها، فيحبُّها ويواليها .

وقد اقترن حب الأرض بحب النفس في القرآن الكريم؛ قال الله -عز وجل-: (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنْ اُقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ أَوْ اُخْرُجُوا مِنْ دِيَاركُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيل مِنْهُمْ...) [النساء: 66]،
بل ارتبط في موضع آخر بالدين؛ قال تعالى: (لَا يَنْهَاكُمْ اللَّه عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّين وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَاركُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّه يُحِبّ الْمُقْسِطِينَ) [الممتحنة: 8].

لقد ثبت بان حب الوطن هو صفة فطرية، يزرعها الله سبحانه وتعالى في نفوس المؤمنين وانه ثابت لا يتغير ، مهما مر الفرد بصعوبات وأزمات .

وقد تساءلت بداية الأمر: ماذا تعنى (حب الوطن ) ؟؟
فوجدت نفسي أجيب مباشرة: معناها أن نحب مواطني هذا الوطن، وإلا فما معنى حب التراب والعلم؟
حب الوطن أن تتسع من قلبي خلاياه لأضم فيها كل من ينتمي لهذا الوطن من أبنائه لنمتزج معا أسرة واحدة..

وأن أشعل من نفسي شمعة تحترق لتضيء لأبناء هذا الوطن دربهم في أي مجال أمسكه وأي سبيل اسلكه..وأن أجعل من نفسي لبنة تلتصق ببقية اللبنات من أبناء هذا الوطن لنبني معاً جدار الوحدة والقوة ، حتى لا نشعر بغربتنا في أوطاننا .

ولذلك علينا نحن الآباء والأمهات ، ونحن المعلمين والمعلمات، مهمات وواجبات كبيرة ، ومن هذه الواجبات زرع حب الوطن في نفوس أولادنا وبناتنا وطلابنا ، لأنه إذا كان الابن او الطالب يحب وطنه بصدق وأمانة ، فانه يكون مخلصا في عمله ، ووفيا مع أصدقائه ، ويحب الخير للآخرين ، ولكل أبناء وطنه ، لأنه يرى في كل واحد منهم أخا له في الإنسانية ، أو شريكا له في هذا الوطن الحبيب.
وهناك نقاط مهمة علينا أن نتبعها لكي نصل إلى هذا الهدف النبيل:
1.
التدرج في إعطاء كل ما يساعد على حب الوطن وحسب عمر الطفل وتقدمه في العمر.
2.
أن يكون الأب أو الأم النموذج الحقيقي أمام الابن والمعلم أمام الطالب في حب الوطن وان يكون مثالا صادقا أمامه لكي يكون قدوة حسنة لأبنائه وطلابه وان لا تكون وطنيتنا في الكلام فقط بل يترجمها الى عمل يومي وسلوك يقوم به الفرد داخل مجتمعه وأسرته ومدرسته لكي يكون نبراسا يقتدي به الآخرون في حب الوطن.
3.
أن نزرع في نفوس أبنائنا وطلابنا كل القيم النبيلة والتي بدورها تزيد حب الوطن في نفوسهم ونبذ الطائفية والعنصرية والابتعاد عن التعصب الديني والابتعاد عن الأنانية وحب الذات وتبديلها بحب الآخرين ونكران الذات والإيثار.
4.
أن نعلم أبناءنا وطلبتنا بان الوطن هو بحاجة الى كل فرد في المجتمع صغيرا او كبيرا، رجلا او امرأة وان الفرد هو جزء من أسرة والأسرة جزء من مجتمع والمجتمع هو الذي يعيش في هذا الوطن فعلى الابن أن يحترم أسرته وان لا يتعدى على عادات وتقاليد مجتمعه بذلك يكون هذا الابن محبا لوطنه ووفيا لوطنيته.
5.
أن يكون إرشادنا مستمرا لأبنائنا وطلابنا بان الفرد الذي لا يحب وطنه ولا يخدم أبناء هذا الوطن بكل صدق وأمانة فهو خائن لان الوطن أمانة في أعناق كل إفراد المجتمع ومهما كان عمله ودوره في بناء هذا المجتمع وبذلك يذكرنا حديث الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) (( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته)).

حب الوطن للجندي؛؛ أن يكون له محبه رقيبٌ يأخذ على يده إن أراد التفات أو التراخي.


حب الوطن للمعلم؛؛ أن يكون له من حبه رقيبٌ يأخذ على يده إن أوجس منه الإهمال والتغاضي.


حب الوطن للموظف؛؛ أن يكون له من حبه رقيبٌ يأخذ على يده إن آنس منه الميل إلى المحسوبية والتراضي .

حب الوطن لكل مواطن؛؛ أن يكون له من حبه رقيب يأخذ بيده ألا يشوه صورة الوطن في كل فعاله مع الناس والحياة..

إن الوطنية علاقة متبادلة بين راعي الوطن والرعية وبين الرعية أنفسهم.
إن طاعة ولي الأمر الواجبة بقيدها الشرعي دعامة ضرورية للمواطنة الصالحة، لكنها لا تعفيه من أداء حقوقهم لتحقيق الوطنية وتعزيز المواطنة، ولذا قال تعالى: (إن الله يأمراكم أن تؤذوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل) ثم قال بعدها: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) فذكر ما يجب على الطرفين.


إن للوطن حقاً على كل مواطن.. كما أن لكل مواطن حقاً على الوطن وولي أمره ومسؤولية في كل موقع، إن من حق كل مواطن أن تحفظ حقوقه وأن يعيش حياة كريمة،مما يزيده حباً وولاءً وانتماءً للوطن. وهذه مسؤولية كل من وٍالي أمراً من الأمور في شتى المجالات..
حب الوطن بالدفاع عنه وعن ترابه ودينه وقيادته ومواطنيه وليس بأذيتهم.. حب الوطن باحترام الكبير والعطف على الصغير، واحترام الجار واحترام النظام ونظافة الشارع وعدم مضايقة الناس وإحراجهم .. حب الوطن بالحرص على كل ممتلكاته والتعامل بأخلاق المسلم في كل مكان.. حب الوطن ليس يوماً في السنة فقط!! حب الوطن في كل يوم وفي كل حين.

وأخيرا نقول ان هذا الوطن الذي أكلنا من خيراته وشربنا من مائه الطيب وعشنا على أرضه الطيبة ما علينا إلا إن نكون أوفياء له وامينين عليه وان نخدمه بكل ما نستطيع لان الوطن لا يحميه إلا أبناؤه المخلصون المؤمنون وان حب الوطن من الإيمان لأنه لا يوجد خائن للوطن وهو مؤمن بالله وبرسوله لان الله والرسول يدعواننا إلى حفظ الوطن وحفظ الأمانة وحفظ الدين.. نسأل الله أن يهدينا سبيل الرشاد… وأن يجعلنا مواطنين صالحين.. مصلحين في أسرنا ومجتمعاتنا، اللهم اجعل هذا البلد أمنا مطمئنا وادفع عنه كل شر وسوء