بقلم: موسى الدردساوي
mdardasawi@yahoo.com
يمثل التحديث السياسي في الأردن علامة فارقة وخطوة رائدة نحو تعزيز مفهوم الديمقراطية الحقيقية وبناء نظام سياسي ينسجم مع الرؤية الملكية وطموحات الأردنيين.
وقد جاءت وثيقة اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية خارطة طريق، تجسد الرؤية الملكية لإحداث تحول شامل في العمل الحزبي والنيابي، بما يضمن تطوير الحياة السياسية وتمكين المواطنين من المشاركة الفاعلة في صناعة القرار، وهي خطوة نعتز بها ونحرص على نجاحها.
في سياق التحديث، يبرز النقد البناء كأداة أساسية لتقييم المسار، لكن دون أن يتحول إلى جلد للذات أو تقزيم للإنجازات، فالحديث عن التحديات أو بعض جوانب القصور لا يعني تشكيكًا في الإرادة السياسية أو تقويضًا لنتائج الانتخابات بل على العكس، يُعد الاعتراف بالأخطاء وتصحيحها خطوة متقدمة نحو تعزيز مسيرة الإصلاح التي تجسد الرؤية الملكية “بما يعزز الهوية الجامعة ومسيرة التنمية والتحديث التي تليق بمستقبل الأردن والأردنيين”.
لقد كانت الانتخابات الأخيرة محطة مهمة على طريق الإصلاح، حيث أظهرت نزاهة العملية واحترام إرادة الشعب، لكنها في الوقت نفسه سلطت الضوء على تحديات تستوجب المعالجة. من أبرزها ضعف قدرة بعض الأحزاب على التواصل الفعال مع الناخبين وغياب البرامج الواقعية التي تلبي احتياجاتهم. كما برزت ظاهرة “الهندسة السياسية” كعامل قد يؤثر على الثقة المتبادلة بين المواطن والمؤسسات، مما يتطلب وقفة جدية لإعادة التوازن وبناء الثقة.
إن إعادة النظر في أداء الأحزاب السياسية وتطوير أدواتها بات أمرًا ضروريًا. فالعمل الحزبي يحتاج إلى التزام بالنزاهة والشفافية بعيدًا عن أي وصاية أو تدخل، لضمان تفاعل أكبر مع الشارع الأردني وتحقيق تمثيل حقيقي لتطلعات المواطنين. الانتخابات القادمة تمثل فرصة مهمة لظهور برامج حزبية قوية تترجم رؤية الأردن المستقبلية، وتدفع بعجلة الإصلاح نحو الأمام.
الأردن اليوم يسير بثبات نحو ترسيخ قيم الديمقراطية، مستندًا إلى رؤية قيادية حكيمة ووعي شعبي يتطلع إلى غدٍ أفضل. نجاح هذه المسيرة يعتمد على تعزيز الوحدة الوطنية والعمل المشترك لتجاوز التحديات، مع مراجعة مستمرة لمسار التحديث السياسي وقانون الانتخابات. هذه المراجعة ليست فقط ضمانًا لتحقيق العدالة والشمولية، لكنها أيضًا خطوة أساسية نحو بناء مستقبل أكثر إشراقًا للأردن، بما يعزز الثقة، ويقوي الجبهة الداخلية، ويضع الأردن على طريق التقدم والازدهار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق