ما زلنا على قيد الحياة

الاثنين، 30 ديسمبر 2024

منظومة التحديث السياسي في الأردن: بين النقد البناء والإصلاح المستمر


 بقلم: موسى الدردساوي

mdardasawi@yahoo.com

يمثل التحديث السياسي في الأردن علامة فارقة وخطوة رائدة نحو تعزيز مفهوم الديمقراطية الحقيقية وبناء نظام سياسي ينسجم مع الرؤية الملكية وطموحات الأردنيين.

وقد جاءت وثيقة اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية خارطة طريق، تجسد الرؤية الملكية لإحداث تحول شامل في العمل الحزبي والنيابي، بما يضمن تطوير الحياة السياسية وتمكين المواطنين من المشاركة الفاعلة في صناعة القرار، وهي خطوة نعتز بها ونحرص على نجاحها.

في سياق التحديث، يبرز النقد البناء كأداة أساسية لتقييم المسار، لكن دون أن يتحول إلى جلد للذات أو تقزيم للإنجازات، فالحديث عن التحديات أو بعض جوانب القصور لا يعني تشكيكًا في الإرادة السياسية أو تقويضًا لنتائج الانتخابات بل على العكس، يُعد الاعتراف بالأخطاء وتصحيحها خطوة متقدمة نحو تعزيز مسيرة الإصلاح التي تجسد الرؤية الملكية “بما يعزز الهوية الجامعة ومسيرة التنمية والتحديث التي تليق بمستقبل الأردن والأردنيين”.

لقد كانت الانتخابات الأخيرة محطة مهمة على طريق الإصلاح، حيث أظهرت نزاهة العملية واحترام إرادة الشعب، لكنها في الوقت نفسه سلطت الضوء على تحديات تستوجب المعالجة. من أبرزها ضعف قدرة بعض الأحزاب على التواصل الفعال مع الناخبين وغياب البرامج الواقعية التي تلبي احتياجاتهم. كما برزت ظاهرة “الهندسة السياسية” كعامل قد يؤثر على الثقة المتبادلة بين المواطن والمؤسسات، مما يتطلب وقفة جدية لإعادة التوازن وبناء الثقة.

إن إعادة النظر في أداء الأحزاب السياسية وتطوير أدواتها بات أمرًا ضروريًا. فالعمل الحزبي يحتاج إلى التزام بالنزاهة والشفافية بعيدًا عن أي وصاية أو تدخل، لضمان تفاعل أكبر مع الشارع الأردني وتحقيق تمثيل حقيقي لتطلعات المواطنين. الانتخابات القادمة تمثل فرصة مهمة لظهور برامج حزبية قوية تترجم رؤية الأردن المستقبلية، وتدفع بعجلة الإصلاح نحو الأمام.

الأردن اليوم يسير بثبات نحو ترسيخ قيم الديمقراطية، مستندًا إلى رؤية قيادية حكيمة ووعي شعبي يتطلع إلى غدٍ أفضل. نجاح هذه المسيرة يعتمد على تعزيز الوحدة الوطنية والعمل المشترك لتجاوز التحديات، مع مراجعة مستمرة لمسار التحديث السياسي وقانون الانتخابات. هذه المراجعة ليست فقط ضمانًا لتحقيق العدالة والشمولية، لكنها أيضًا خطوة أساسية نحو بناء مستقبل أكثر إشراقًا للأردن، بما يعزز الثقة، ويقوي الجبهة الداخلية، ويضع الأردن على طريق التقدم والازدهار.


حصاد 2024: الأردن بين التحديات الإقليمية والإنجازات المحلية

بقلم: موسى الدردساوي 

mdardasawi@yahoo.com

مع اقتراب نهاية عام 2024، يبرز الأردن كدولةٍ خطت خطواتٍ واثقة نحو تحقيق التنمية الشاملة في مختلف المجالات، بقيادة حكيمة لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، الذي أكد مرارًا أن الإنسان الأردني هو محور التنمية وغايتها.

التحديث السياسي: رؤية ملكية طموحة

شهد العام 2024 تقدمًا ملموسًا في تنفيذ منظومة التحديث السياسي والاقتصادي التي أطلقها جلالة الملك، لترسيخ المشاركة الشعبية وتعزيز الحياة الحزبية. فقد أُقرت حزمة من القوانين الداعمة للتعددية السياسية، بهدف بناء مؤسسات حزبية قوية تمتلك برامج عملية قادرة على إحداث تغيير إيجابي.

أبرز نتائج هذا التحديث:

·       زيادة نسبة المشاركة في الانتخابات، خاصة بين فئة الشباب الذين أصبحوا يرون في الأحزاب وسيلة للتغيير.

·       تعزيز مشاركة المرأة في العمل السياسي، من خلال تخصيص المزيد من المقاعد لها في البرلمان والمجالس المحلية، وتشجيعها على الترشح والقيادة.

·       تقوية دور المجتمع المدني ليكون شريكًا رئيسيًا في عملية صنع القرار، مما ساهم في رفع مستوى الوعي السياسي لدى المواطنين.

والتي توجت في الانتخابات الأخيرة كمحطة مهمة على طريق الإصلاح، والتي اثبتت نزاهة العملية واحترام إرادة الشعب،

السياسة الخارجية: صوت العقل في منطقة مضطربة

على الصعيد الإقليمي والدولي كان الأردن، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، نموذجًا للدولة التي تتبنى الحوار والعقلانية في التعامل مع التحديات الإقليمية والدولية.

وفي عام 2024، واصل الأردن دوره المحوري كصوت للاعتدال والاستقرار في منطقة تعج بالصراعات والتقلبات، من خلال مواقف حكيمة ودبلوماسية نشطة تهدف إلى تحقيق السلام وتعزيز التعاون بين الشعوب.

كما أظهرت السياسة الخارجية الأردنية قدرة استثنائية على المناورة وسط أزمات إقليمية معقدة، حيث ركزت الجهود على تحقيق التوازن بين المصالح الوطنية ومتطلبات الأمن الإقليمي والدولي. وبرزت القيادة الأردنية كعامل توازن في القضايا المحورية، معززة مكانة المملكة كوسيط موثوق ومؤثر.

وقد تصدرت القضية الفلسطينية الأجندة الملكية، حيث بذل جلالته جهودًا دبلوماسية مكثفة لدعم صمود الشعب الفلسطيني، ووقف العدوان على غزة. كما كان للأردن دور محوري في دعم الاستقرار في سوريا ولبنان، والتعامل مع تداعيات الحرب الأهلية في السودان.

القضية الفلسطينية: في صدارة الأجندة الملكية

أبرز الجهود الملكية:

·       إطلاق حملة دبلوماسية عالمية للضغط على المجتمع الدولي من أجل اتخاذ موقف حازم ضد الانتهاكات الإسرائيلية.

·       قيادة المساعي الدولية والامامية لإدامة إرسال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى الأهل في قطاع غزة ونجح في إيجاد مسار جديد لإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة مباشرة عبر جسر الملك حسين.

·       تعزيز الدور الأردني كوصي على المقدسات، حيث تكثفت الجهود لحماية المسجد الأقصى من محاولات التهويد.

·       إطلاق منصات تعليمية رقمية تدعم التعليم عن بُعد موجهة لأطفال غزة وفلسطين

·       الدعوة الى مؤتمرات إقليمية ودولية جمعت قادة العالم لبحث سبل تحقيق السلام العادل والدائم في المنطقة.

الأزمة السورية: دعم الحل السياسي

ومع تسارع التحولات في سوريا بعد إسقاط نظام الأسد، كان الأردن من بين الدول القليلة التي حافظت على موقف ثابت يدعو إلى حل سياسي شامل يحفظ وحدة الأراضي السورية ويعيد الاستقرار للشعب السوري.

الدور الأردني في الأزمة السورية:

·       استمرار استضافة اللاجئين السوريين رغم الأعباء الاقتصادية، مما عكس التزام المملكة بدورها الإنساني.

·       دعم الجهود الدولية لإعادة الإعمار وتهيئة الظروف لعودة اللاجئين إلى ديارهم.

·       التنسيق مع الدول الكبرى لتأمين الحدود الأردنية من أي تهديدات أمنية ناجمة عن التحولات في سوريا.

لبنان والسودان: دعم الاستقرار ومواجهة الأزمات

كما لعب الأردن دورًا مهمًا في دعم استقرار لبنان، الذي شهد حربًا مع إسرائيل خلال عام 2024، من خلال تقديم مساعدات إنسانية، ودعم الحلول السلمية للأزمة. كما لم يدخر جلالة الملك جهدًا في دعوة المجتمع الدولي للوقوف إلى جانب السودان، الذي يعاني من حرب أهلية مدمرة.

إسهامات الأردن:

·       تقديم مساعدات طبية وإنسانية للشعب اللبناني عبر الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية.

·       العمل مع الاتحاد الإفريقي والمجتمع الدولي لدعم جهود وقف القتال في السودان.

·       المساهمة في مبادرات إقليمية تهدف إلى تحقيق تسوية سلمية للأزمات.

العلاقات الدولية: تعزيز الشراكات الاستراتيجية

في عام 2024، شهدت السياسة الخارجية الأردنية تعزيزًا للعلاقات مع القوى الكبرى والجهات الدولية. حيث حرص جلالة الملك عبدالله الثاني على تنويع الشراكات الاقتصادية والعسكرية، بما يخدم مصالح الأردن ويعزز دوره الإقليمي.

الحكمة الأردنية في مواجهة الأزمات العالمية

إلى جانب دوره الإقليمي، لعب الأردن دورًا في مواجهة التحديات العالمية مثل تغير المناخ والأمن الغذائي. فقد دعا الملك عبدالله الثاني إلى تكثيف الجهود الدولية للتعامل مع الأزمات الإنسانية، خاصة في ظل النزاعات التي تسببت في نزوح الملايين.

رؤية ملكية للأمن والسلام

تستند السياسة الخارجية الأردنية إلى مبادئ واضحة قوامها دعم الأمن والسلام، وتعزيز التعاون الدولي، والدفاع عن الحقوق المشروعة للشعوب. وقد أكد الملك عبدالله الثاني مرارًا أن الأردن سيبقى ملتزمًا بدوره في بناء جسور الحوار وحل النزاعات بالطرق السلمية.

رغم التحديات، يواصل الأردن بقيادته الحكيمة رسم طريقه نحو مستقبل واعد. الإنجازات التي تحققت في عام 2024 ليست سوى بداية لمسيرة طموحة تستهدف تحقيق رؤية وطنية تجعل المملكة نموذجًا رياديًا في المنطقة.

ومع اقتراب عام 2025، يبقى الشعب الأردني متماسكًا خلف قيادته، مؤمنًا بأن القادم أفضل، وأن الأردن، كما كان دائمًا، سيظل منارة للاستقرار والازدهار.

السبت، 21 ديسمبر 2024

الأردن بين الحقيقة وأقلام التشويه: ردٌ على المدعو عطوان


 بقلم موسى الدردساوي

mdardasawi@yahoo.com

المدعو عبد الباري عطوان،
إن ما ورد في مقالك حول قمة العقبة ودور الأردن تجاه الأشقاء في سورية وفلسطين ليس إلا محاولة يائسة لتشويه الحقائق والطعن في مواقف المملكة الثابتة والمشرّفة. لكن، وبكل أسف، يبدو أن قلمك الذي طالما ادّعى الدفاع عن القضايا العربية قد أصبح أداة لتصفية الحسابات وترويج الأكاذيب التي لا تخدم سوى أجندات مشبوهة.

وهنا دعنا نضع الأمور في نصابها الصحيح. الأردن، بقيادته وشعبه، لم يساوم يومًا على مبادئه. استضاف الملايين من اللاجئين السوريين، وفتح أبوابه وقلبه لأبناء الشام في أحلك الظروف، حينما كانت دول أخرى تغلق حدودها وتدير ظهرها. وبينما كنت أنت تكتب مقالاتك من أبراجك العاجية، كان الأردن يدفع من اقتصاده وأمنه ثمن دعمه للضعفاء والمحتاجين، دون أن ينتظر شكرًا من أحد.

وبيما يخص فلسطين وغزة، فإن مواقف الأردن واضحة كالشمس ولا تحتاج إلى شهادة من قلمك. لطالما كان صوت الحق ضد الاحتلال الإسرائيلي، داعمًا لصمود الشعب الفلسطيني، وضامنًا للوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف . أين كنت أنت حينما كانت طائرات الإغاثة الأردنية تتجه إلى غزة؟ وأين كان قلمك عندما تصدّر الأردن الجهود السياسية لوقف العدوان؟

وإما اتهامك الأردن بأنه تابع لأوامر بلينكن ليس إلا محاولة بائسة لإقحام المملكة في رواياتك الزائفة. الأردن دولة ذات سيادة، وقراره السياسي مستقل، وهو من القلة التي ما زالت ترفع صوتها بوجه قوى الهيمنة العالمية، بينما تُفضل أنت وأمثالك الجلوس على هامش الأحداث، تهاجمون من يبني ويُضحي. إن أردت الحديث عن التبعية، فمن الأولى أن تنظر في مرآتك، حيث أصبحت مقالاتك أقرب إلى بروباغندا إيرانية مكشوفة، تخدم مصالح من يدفع أكثر، بدلاً من أن تكون صوتًا عربيًا نزيهًا.

لقد اتهمت الأردن ببيع نفسه، لكن دعني أذكّرك أن بيع المبادئ ليس من صفات الأردن، بل هو أسلوب يتقنه من باعوا قلمهم لمشاريع أجنبية وإقليمية. قلمك الذي انحاز في كثير من الأحيان لخطابات طهران وأذرعها في المنطقة فقد مصداقيته منذ زمن، وبات معروفًا أن ولاءه لا يخدم القضايا العربية بقدر ما يخدم المصالح التي تُملى عليك.

أيَا عطوان، إن محاولة الطعن في مواقف الأردن لن تنجح، لأن الحقائق أوضح من ادعاءاتك. إن كنت عاجزًا عن رؤية المواقف الشجاعة، وإن كنت مُصرًا على تسويق نفسك كناقد على حساب الحقيقة، فإن التاريخ سيحفظ مواقف الأردن المشرّفة، بينما سيظل قلمك مجرد صفحة في سجل المزايدات الفارغة.

الجمعة، 20 ديسمبر 2024

سمير الرفاعي: نقد صريح ودعوة لإعادة تصويب مسار التحديث السياسي في الأردن

بقلم : موسى الدردساوي 

mdardasawi@yahoo.com

في تصريحات أثارت اهتمام الأوساط السياسية، عبّر رئيس لجنة تحديث المنظومة السياسية، دولة سمير الرفاعي، عن قلقه العميق حيال مسار العمل الحزبي والسياسي في الأردن. الرفاعي، الذي قاد جهود التحديث بتكليف ملكي، وجه نقدًا شفافًا ومباشرًا إلى ممارسات قال إنها تهدد بتقويض الثقة بين المواطن والمؤسسات السياسية، وفي مقدمتها ظاهرة "الهندسة السياسية" التي أضعفت مصداقية المشهد الانتخابي.

الرفاعي لم يتردد في تسليط الضوء على تحديات رئيسية تواجه مشروع التحديث، أبرزها غياب البرامج الحزبية الفعّالة واستمرار ظاهرة شراء المقاعد. هذه التحديات، بحسب تصريحاته، تعكس فشلًا في تحقيق الأهداف الجوهرية للتحديث السياسي، محذرًا من أن اعتماد الأساليب التقليدية في تشكيل المشهد السياسي قد يفرغ المشروع من محتواه ويعيق تحقيق تطلعات الشارع الأردني.

أكد الرفاعي أهمية وقف التدخلات الرسمية في العملية الانتخابية، سواء على مستوى الانتخابات النيابية أو النقابية، مشددًا على ضرورة احترام إرادة الناخبين وضمان نزاهة العملية الانتخابية كخطوة أساسية لإعادة بناء الثقة. كما انتقد غياب تعريفات واضحة للاتجاهات السياسية، ما أدى إلى تحرك الأحزاب في فراغ فكري، مع التركيز على متطلبات شكلية بدلًا من تقديم رؤى واقعية تلبي طموحات المواطنين.

وأشار الرفاعي إلى عجز الأحزاب عن تقديم برامج قابلة للتنفيذ، مستشهدًا بوعود انتخابية غير واقعية مثل رفع الرواتب دون تحديد مصادر التمويل. هذا التخبط، وفقًا له، يعكس حاجة ماسة لإعادة بناء العمل الحزبي على أسس صلبة قادرة على قيادة مشروع التحديث السياسي.

مع اقتراب انتخابات النقابات المهنية في فبراير المقبل، يراها المراقبون فرصة حقيقية لاختبار مدى التزام مراكز القرار بمبدأ النزاهة السياسية. نجاح هذه الانتخابات سيكون مؤشرًا على صدق التوجه نحو التحديث واستعداد الدولة للتخلي عن ممارسات "الهندسة" والسماح للهيئات العامة بممارسة حقها في الاختيار بحرية.

تصريحات الرفاعي جاءت كرسائل واضحة إلى الأطراف المعنية كافة، من الأحزاب التي عليها مراجعة سياساتها وبرامجها، إلى مراكز القرار التي تواجه تحدي توفير بيئة سياسية نزيهة. نقده للتجربة السياسية لم يكن مجرد تشخيص للمشكلات، بل دعوة جادة لإعادة تقييم التجربة وضمان تحقيق الأهداف الوطنية المنشودة.

ختامًا، شدد الرفاعي على أن نجاح مشروع التحديث السياسي يتطلب إرادة سياسية صادقة، برامج حزبية نابعة من الواقع، وممارسات تتسم بالشفافية. ما طرحه يمثل خريطة طريق لبناء مستقبل سياسي أكثر استقرارًا، يرتكز إلى الثقة المتبادلة بين المواطن والمؤسسات، ويخدم الوطن بمصداقية ووضوح.


الاثنين، 9 ديسمبر 2024

سقوط الأسد: نهاية عهد أم بداية فصل جديد؟


 بقلم : موسى الدردساوي 

mdardasawi@yahoo.com

بعد أكثر من عقد من الحرب الطاحنة، جاء سقوط بشار الأسد كحدث درامي قلب المشهد السوري رأسًا على عقب. لحظة كانت متوقعة منذ سنوات، لكنها حملت معها من التعقيد أكثر مما حملت من الوضوح. هل يشكّل سقوط الأسد نهاية عهدٍ مظلم أم بداية فصل جديد من المأساة السورية؟

لم يكن سقوط الأسد وليد لحظة مفاجئة، بل نتاج سنوات من التدهور المتراكم. داخليًا، أوصلت الأزمات الاقتصادية البلاد إلى حافة المجاعة، فيما فقد النظام شرعيته في عيون شعبه ومؤيديه.

أما خارجيًا، فقد بدا أن القوى الدولية اتفقت ضمنيًا على ضرورة رحيله كجزء من تسويات أوسع لإعادة ترتيب المنطقة، رغم تضارب المصالح.

لكن هذا السقوط لم يجلب الحل المنتظر. عوضًا عن ذلك، فتح الباب أمام فراغٍ خطير في السلطة، هرعت على أثره قوى إقليمية ودولية لملئه، كلٌ وفق حساباته.

ففي ظل انهيار النظام، كانت إسرائيل الأسرع في استغلال الوضع، لتعزيز سيطرتها على الجولان المحتل وتأمين حدودها من أي تهديد محتمل.

أما الولايات المتحدة، فأعلنت عبر قيادتها المركزية تنفيذ ضربات مكثفة استهدفت 75 موقعًا وسط سوريا، بدعوى منع تنظيم "داعش" من استغلال الفوضى.

وفي الشمال، برزت تركيا كطرف فاعل، مستفيدة من نفوذها العسكري وتعزيز سيطرتها على مناطق الحدود الشمالية. بهدف تأمين حدودها وإحكام قبضتها على الشمال السوري كجزء من رؤية طويلة الأمد تخدم مصالحها الأمنية والسياسية.

ومع تراجع المدافع وصمت القتال، بات المشهد السوري أكثر هشاشة من أي وقت مضى.

اليوم، تبدو سوريا كفسيفساء ممزقة، مع مناطق تتنازعها قوى متعددة: الأكراد المدعومون من واشنطن في الشمال، النفوذ التركي في الشمال الغربي، وسيطرة ميليشيات إيران وحزب الله في الجنوب والغرب.

وسط هذه الانقسامات، يبقى مستقبل سوريا غامضًا. هل تستطيع تجاوز الفوضى، أم تسير نحو تقسيم دائم؟ فبين الخراب والصراعات، لا يزال الشعب السوري يحمل إرثًا من الصمود، لكن هل يكفي هذا الأمل لإعادة بناء وطن دمرته الحرب؟ الزمن وحده كفيل بالإجابة.


السبت، 7 ديسمبر 2024

دور الأردن في الأزمة السورية: الحقيقة الغائبة في الإعلام الغربي

بقلم موسى الدردساوي

mdardasawi@yahoo.com


في خضم الأحداث المتسارعة التي تعصف بسوريا، تبرز بين الحين والآخر تغطيات صحفية وتحليلات إخبارية تُثير التساؤلات حول مدى دقة الطرح وحيادية المصادر. منها ما جاء في مقال الكاتبة إيزابيل كولز، المنشور في صحيفة "وول ستريت جورنال" تحت عنوان "هجوم خاطف للمعارضة السورية يقترب من مدينة رئيسية". ليلقي الضوء على مشهد معقد بطبيعته. ورغم أهمية المقال في مناقشة تطورات القضية السورية، إلا أن الادعاءات المتعلقة بالدور الأردني تستدعي وقفة نقدية مسؤولة.

فمن المؤسف أن تتغافل الكاتبة وصحيفتها (سواء بقصد أو بدون قصد) عن دور الأردن الإيجابي أو تُصوّره بشكل يتنافى مع الواقع. فالمهنية الصحفية تستدعي التحقق من المعلومات، والاعتماد على مصادر موثوقة تعكس الصورة كاملةً دون انتقاء أو انحياز. وعليه، فإن أي إشارة إلى الجانب الأردني في سياق الأحداث السورية يجب أن تُبنى على حقائق واضحة، تُنصف الدور الأردني عوضا عن اختزاله أو التشكيك فيه.

فمنذ اندلاع الأزمة السورية، قدم الأردن الملاذ الآمن لمئات الآلاف من اللاجئين، متحملاً أعباءً هائلة رغم محدودية موارده. بل إن موقفه كان دائماً متوازناً، داعماً للحلول السلمية وحريصاً على استقرار المنطقة بأسرها.

ومن هنا لا يمكن الحديث عن دور الأردن دون الإشارة إلى القيادة الحكيمة لجلالة الملك عبدالله الثاني. فقد كان جلالته دائماً صوته العقل والحكمة في منطقة تعصف بها الأزمات. عمل بلا كلل على تعزيز الحوار بين الأطراف المختلفة، مساهماً في الجهود الدولية لإحلال السلام. كما شدد مراراً على ضرورة دعم الشعب السوري في محنته، ليس فقط من خلال استقبال اللاجئين، بل أيضاً عبر دعم المبادرات الإقليمية والدولية التي تسعى لإنهاء الصراع.

فالأردن، وبقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، ظل على مدى السنوات الماضية نموذجاً يُحتذى به في التعامل مع أزمات المنطقة. رغم حجم التحديات الأمنية والاقتصادية التي فرضتها الأزمة السورية، خاصة مع تدفق اللاجئين والتهديدات الأمنية على الحدود الشمالية، حيث حرصت المملكة على أن تكون طرفاً فاعلاً في احتواء الأزمات الإنسانية والسياسية.

في الختام، ادعوا الكاتبة وصحيفتها وجميع وسائل الإعلام الدولية إلى التمسك بأعلى معايير النزاهة والمهنية، خاصة عند تناول قضايا شائكة كالأزمات في المنطقة. فالمصداقية ليست مجرد خيار، بل هي واجب أخلاقي يقع على عاتق كل قلم يسعى لنقل الحقيقة. والأردن، كعادته، سيبقى صامداً في دوره البناء، مدافعاً عن استقرار المنطقة وأمنها، مهما بلغت التحديات.

الخميس، 5 ديسمبر 2024

ابو عكازة: نقاش البيان الوزاري: فرصة لاستعراض الخطابات أم بدا...

ابو عكازة: نقاش البيان الوزاري: فرصة لاستعراض الخطابات أم بدا...:  بقلم: موسى الدردساوي  تحت قبة مجلس النواب، دارت مناقشات البيان الوزاري لحكومة جعفر حسان، في مشهد يبدو كأنه مشهد متكرر من مسرحية سياسية تحفظ...

ابو عكازة: الدور الأردني في مواجهة التحديات التي تمر بها المنطقة

ابو عكازة: الدور الأردني في مواجهة التحديات التي تمر بها المنطقة:   بقلم الإعلامي موسى الدردساوي mdardasawi@yahoo.com   تُعتبر منطقة الشرق الأوسط مركزًا عالميًا للصراعات السياسية والاقتصادية، حيث تتشابك...

اليوم العالمي للمعاقين و المشاركة السياسية

موسى الدردساوي

mdardasawi@yahoo.com

يهدف اليوم العالمي للمعاقين الذي يصادف الثالث من ديسمبر من كل عام إلى رفع مستوى الوعي بالإعاقة والطرق المثلى للتعامل معها، مما يسهم في دمج المعاقين بالمجتمع ويوفر لهم حياة تتسم بالاستقلالية والاستقرار.
وتشير الدراسات إلى وجود ما يزيد عن مليون شخص من ذوي الإعاقة بالأردن، وتقدر نسبة مستوى الإعاقة في المملكة في حدود 13%، وهي نسبة طبيعية مقارنة بالمعدل الدولي لمستوى الإعاقات في المجتمع الذي يصل إلى 17%.
ورغم أن قضايا الإعاقة، واندماج المعاقين والمشاركة في الحياة السياسية والعامة في المجتمع بدأت تحظى باهتمام نسبي في الشأن العام، فإن هذا الاهتمام لم يتطور بعد على نحو كاف لينعكس في صلب أولويات أجندة العمل السياسي والاجتماعي الاقتصادي، وبلورة سياسات محددة تجاه الاحتياجات التي يجب الوفاء بها لتحقيق المزيد من الاندماج السياسي و الاجتماعي في المجتمعات فالاعتراف بحقوق المعاقين لا يمكن الوصول إليه من خلال السياسات التي تسنها الحكومات فقط بل تتطلب جهداً متصلاً من الأشخاص المعاقين أنفسهم، و العمل بشكل فعال من أجل تهيئة بيئة يتأتى فيها للمعوقين أن يشاركوا بصورة فعلية وكاملة في تسيير الإدارة العامة، و مشاركتهم في الشؤون العامة من خلال المشاركة على قدم المساواة في أنشطة الأحزاب السياسية والمجتمع المدني وإدارة شؤونها و إنشاء نقابات خاصة بالمعوقين والانضمام إليها لتمثيلهم على الأصعدة الوطنية والإقليمية
وبما إنا تلك السياسات التي تستهدف المعاقين كمستفيدين لا تزال تخلو من أي توجهات تشير إلى دورهم في وضع تلك السياسات أو تنفيذها، لهذا يجب على الحكومة إعطاء الأشخاص ذوي الإعاقة فرصا أكبر للإسهام في وضع السياسات التي تخصهم والتي سيكون له أثر مباشر وفعال في المستقبل.

كما أن إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في المشاركة السياسة و المجتمع لا يمكن أن يتم بمعزل عن مبدأ الشراكة، ويقوم معيار الشراكة هنا على أساس أن يمنح الأشخاص ذوي الإعاقة والمنظمات التي تمثلهم دور رئيسي في اتخاذ القرارات التي تمس حياتهم على نحو مباشر وأيضاً القرارات التي لها تأثير على المجتمع إزائهم.‎

الدور الأردني في مواجهة التحديات التي تمر بها المنطقة


 

بقلم الإعلامي موسى الدردساوي

mdardasawi@yahoo.com

 تُعتبر منطقة الشرق الأوسط مركزًا عالميًا للصراعات السياسية والاقتصادية، حيث تتشابك المصالح الدولية والإقليمية في ظل التوترات المتزايدة في المنطقة، يمكننا تحليل بعض العوامل الرئيسية التي قد تؤدي إلى تصعيد النزاع إلى مستويات أعلى، سواء كانت إقليمية أو عالمية .
كون الأحداث التي تعصف بالمنطقة تشير الى التنبؤ بأن المنطقة تتجه نحو حرب عالمية حيث تسعى الولايات المتحدة لتنفيذ "مخطط الشرق الأوسط الجديد" من خلال استخدام إسرائيل كدرع عسكري،،والتي تحاول بدورها فرض صفقة القرن. مما يعكس نواياها بالسيطرة الكاملة على الشرق الأوسط وثرواته، ما يثير تساؤلات عديدة حول مستقبل المنطقة.
فمثلاً هل سنشهد تحركات ملموسة من روسيا والصين للتصدي للمخططات الأمريكية الإسرائيلية؟ أم أن هذه القوى ستفضل التركيز على مصالحها الخاصة، مما قد يترك الساحة مفتوحة أمام الولايات المتحدة لتعزيز سيطرتها الكاملة على ثروات الشرق الأوسط؟ إن الأيام المقبلة قد تحمل في طياتها إجابات عن هذه التساؤلات، حيث تتزايد الضغوط على النظام الدولي ويظهر التنافس بين القوى الكبرى بشكل أوضح.
وفي ضوء هذه الديناميكيات يلعب الأردن دورًا حيويًا كحلقة وصل بين الشرق والغرب، حيث يقع الأردن في موقع استراتيجي يتيح له التواصل مع دول متنوعة ثقافيًا وسياسيًا. ويتبنى الأردن سياسة معتدلة تهدف إلى الحفاظ على الاستقرار الداخلي وتنمية علاقاته مع الدول الفاعلة في المنطقة، مما يجعله نموذجًا يحتدا به في عالم مليء بالتوترات والصراعات.
بالإضافة إلى ذلك، يُظهر الأردن اهتمامًا خاصًا بتقديم نفسه كوسيط في النزاعات الإقليمية والدولية. هذه الوساطة تعكس التزام الأردن بتحقيق الحلول السلمية وتعزيز الحوار كوسيلة لحل النزاعات ، اي إن الأردن لا يساهم فقط في استقرار المنطقة، بل يعزز أيضًا من دوره كداعم للسلام والتعاون بين الشعوب.
و إن استمراره في تبني هذه السياسة المعتدلة سيساعده على مواجهة التحديات المستقبلية ويضمن له دورًا مهمًا في الجهود الدولية لتعزيز السلم والأمن في الشرق الأوسط.
وفي الختام تشير التصريحات والتحركات العسكرية الأخيرة إلى تصعيد محتمل، حيث يسعى كل طرف إلى تعزيز نفوذه والحفاظ على مصالحه. في ظل هذه الأوضاع المتوترة، يبقى الأمل في أن تسود الحكمة والعقلانية، وأن يتم تفعيل الدبلوماسية كوسيلة لحل النزاعات بدلاً من الانزلاق نحو صراعًا شاملاً قد تكون تداعياته كارثية على العالم أجمع. لذا، يتوجب على القادة والجهات الفاعلة التعلم من الأخطاء السابقة، والعمل بشكل جماعي نحو تحقيق السلام، لأن خيار الحرب لن يؤدي إلا إلى مزيد من الدمار والمعاناة. في النهاية، إن مسار الحكمة والعقلانية هو ما سيقود العالم نحو الاستقرار والازدهار.

الأشخاص ذوي الإعاقة في عهدة الملك في يوبيله الفضي


بقلم: موسى الدردساوي 

mdardasawi@yahoo.com

في هذه الايام المباركة من ايام الوطن نشارك الأسرة الهاشمية وشعبنا الأردني العظيم بالتقدم باحر التهاني واطيب التمنيات من جلالة الملك عبد الله الثاني وجلالة الملكة رانيا وسمو ولي العهد الأمير حسين بمناسبة عيد ميلاد الملك وعيد اليوبيل الفضي لجلالته التي تطل علينا حاملة نفحات صافية من الوفاء والعرفان والولاء للقيادة التي عملت وتعمل من أجل الوطن ومستقبل أبنائه. داعيا المولى ان يحفظ جلالة الملك الرمز، الملك الذي نذره جلالة المغفور له الحسين العظيم لأمته فأوفى بالنذر فكان القائد، والأب، والأنسان لسان حاله يقول: فأنا منكم ولكم جميعا، محبة وعطـاء دون تمييز ولا استثناء.

فالعمر المديد يا سيدي وأطيب التهاني لك ولأسرتك الصغيرة وأسرتك الكبيرة كل الأردنيين. ولإننا شهود على العصر، عصر العمل والإنجاز والتفاؤل والأمل والثقة بالحاضر والمستقبل الذي دشنه جلالة الملك عبدالله الثاني، بمواصلة الليل والنهار في مغارب الأرض ومشارقها، لتحسين مستوى معيشة الأردنيين وتوفير سبل العيش الرغيد لهم. حيث كان صعود الملك عبدالله الثاني الى العرش قبل ربع قرن بمثابة حقبة جديدة للأردن حقبة تميزت بالالتزام بالتقدم الاجتماعي والاقتصادي، وفي خضم هذا التركيز، احتل النهوض بالأشخاص ذوي الإعاقة اولوية نتج عنها العديد من الإنجازات التي اعادت تشكيل المشهد الاجتماعي في الأردن. فقد واجه الأشخاص ذوي الإعاقة حواجز ثقافية وقانونية تحول دون مشاركتهم الكاملة واندماجهم  في المجتمع فكان الملك اول من ادرك طاقاتهم غير المستغلة واطلق مبادرات لتفكيك هذه العقبات والتي اسفرت عن فوز المملكة بجائزة -روزفلت الدولية للإعاقة – التي تسلمها جلالة الملك عبدالله الثاني في آذار 2005 مما وضع الأردن في مراتب الدول المتقدمة الحائزة على هذه الجائزة كإيطاليا واستراليا وكندا وايرلندا وغيرها، فكان  اعتراف راسخ وتقدير جليل من قبل الهيئة الدولية المعنية بالجائزة للدور الرائد للمملكة الاردنية الهاشمية ملكا وحكومة وشعبا لمساعيها الحثيثة البناءة وجهودها المتواصلة الفعالة نحو العمل في ارساء دعائم القواعد الاساسية لبرامج الامم المتحدة نحو تأمين حقوق الاشخاص ذوي الإعاقة والتي تتضمن تصورات وبرامج ومناهج وخططا عديدة. ثم جاءت الإرادة الملكية السامية عام 2007 لتتوج مسيرة العمل المتفاني، فجاءت الإستراتيجية الوطنية للأشخاص ذوي الإعاقة للأعوام 2007-2015 وقانون شؤون الأشخاص المعوقين رقم 31 لسنة 2007 ليكونا منهج عمل للوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية في الأردن نحو تضمين حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وشؤونهم وقضاياهم في العمل المؤسسي على أسس عدم التمييز والمساواة وتكافؤ الفرص وقبول الآخر. وبعد مصادقة المملكة على اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة عام 2008 وخلال جولاته الميدانية في مختلف المحافظات، أمر جلالته ببناء عدد من المراكز والمؤسسات الخاصة بالأشخاص ذوي الاعاقة ومن أبرزها أكاديمية المكفوفين التي بوشر في بنائها 2008 لتشكل مركزاً نموذجياً يقدم خدمات التعليم والتأهيل والتدريب للأشخاص المكفوفين كما صدرت مكرمة جلالة الملك بتوفير برنامج ناطق "إبصار" للطلبة المكفوفين بالجامعات، الذي يدعم استقلالية الشخص الكفيف وضعيف البصر ويعزز اعتماده على نفسه في تحصيله العلمي. وفي إطار المشاركة السياسية عام 2015 جاءت الإرادة الملكية السامية بتعيين الدكتور مهند العزة وهو احد الأشخاص المكفوفين عضوا في مجلس الأعيان تجسيداً  لحرص جلالة الملك عبد الله الثاني على إشراك الأشخاص ذوي الإعاقة في الحياة السياسية بشكل عملي بعد أن أبت صناديق الاقتراع أن توصل الأشخاص المعاقين إلى مجلس النواب كأعضاء منتخبين      نعم أن قرار جلالة الملك الواعي والحكيم جاء منسجما مع بنود الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والإستراتيجية الوطنية لذوي الإعاقة وقانون شؤون الأشخاص المعوقين رقم 31 لسنة 2007 والتي تؤكد جميعها على حقهم في المشاركة السياسية والعامة وتهيئة البيئة المناسبة ليتسنى لهم المشاركة في تسيير الشؤون العامة للدولة والمجتمع دون تمييز مما جعل من  هذه الانجازات نقطة تحول في حياة مجتمعنا بصفة عامة ، وأبناؤنا من الأشخاص ذوي الإعاقة بصفة خاصة  و الذي جعل الأردن بما حقق من إنجازات وما لديه من طموح وتطلعات في هذا المجال نموذجاً إقليمياً يحتذي به ليأتي صدور قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم (20) لسنة 2017 كأول قانون مناهض للتمييز ضد الأشخاص ذوي الإعاقة في المنطقة العربية، ويتميز بأنه يفرض على جميع الوزارات، والمؤسسات العامة تضمين قضايا حقوق الإعاقة في الاستراتيجيات والخطط والبرامج، بما يكفل وصولهم الى كافة الخدمات والمرافق، وتحديد أطر زمنية على كل جهة للقيام بالتزاماتها تجاه هؤلاء الاشخاص. تلاها إدراج تعديلات جوهرية على قانون العقوبات الأردني في عام 2017 حيث جعلت من ارتكاب جرائم الإيذاء الجسدي والاعتداء الجنسي والترك والإهمال في الرعاية والاحتيال على أساس الإعاقة ظرفاً مشدّداً يستوجب توقيع الحد الأقصى من العقوبة المقررة لهذه الجرائم. ثم جاء تعديل الفقرة (5) من المادة (6) من الدستور الأردني  تعديل الفقرة (هـ) من البند (1) من المادة (75) من الدستور الأردني باستبدال عبارة "من كان مجنونا أو معتوها" بعبارة "من لم يكن كامل الأهلية" 2022  تعديل نظام الخدمة المدنية، بإلغاء شرط الخلو من الإعاقات الذي كان واردا في المادة (44) فقرة (د) وكذلك تم تكليف لجنة تكافؤ الفرص في المجلس وفقا لنص المادة (45) المعدلة بإصدار التقارير الفنية الخاصة بتعيين الأشخاص ذوي الإعاقة 2022  وبصدور الارادة الملكية السامية بتعيين السيدة آسيا ياغي أول امرأة من ذوات الإعاقة الحركية في مجلس الأعيان الثامن والعشرين لسنة 2022 ما يترجم تطلعات جلالة الملك نحو ضرورة تمكين الأشخاص من ذوي الِإعاقة في ظل وجود ما يتجاوز المليون و300 الف شخص من ذوي الاعاقة من الأردنيين فقط. مؤكد بذلك على ضرورة اشراكهم في عملية صنع القرار من خلال منحهم مناصب قيادية وهو ما يعد مؤشرا جادا للمضي في ادارة عجلة التمكين بشكل يصب بالاتجاه الصحيح فالأشخاص ذوي الإعاقة اليوم يتأهبون بشوق لقطف ثمار رؤى الملك الاصلاحية ومخرجات التحديث للمنظومة السياسية وقوانينها. من خلال مشاركتهم واندماجهم في العمل العام والعمل الحزبي. فنحن اليوم نسير مع جلالته مستشرفين مستقبل مزدهر وآمن مليء بالإنجازات كما خط جلالته مسار رحلة هذه البلاد بالتحديث والتطوير والتميز والريادة لكل ركن من أركانه فهو الوطن الأغلى والأعز وهو الملك الإنسان فالولاء والاحترام وتجديد البيعة هو هدية الأردنيين لصاحب العيد.. وكل عام وأنتم والوطن والشعب بألف خيريا سيدي.