بقلم : موسى الدردساوي
mdardasawi@yahoo.com
في
تصريحات أثارت اهتمام الأوساط السياسية، عبّر رئيس لجنة تحديث المنظومة السياسية،
دولة سمير الرفاعي، عن قلقه العميق حيال مسار العمل الحزبي والسياسي في الأردن.
الرفاعي، الذي قاد جهود التحديث بتكليف ملكي، وجه نقدًا شفافًا ومباشرًا إلى
ممارسات قال إنها تهدد بتقويض الثقة بين المواطن والمؤسسات السياسية، وفي مقدمتها
ظاهرة "الهندسة السياسية" التي أضعفت مصداقية المشهد الانتخابي.
الرفاعي
لم يتردد في تسليط الضوء على تحديات رئيسية تواجه مشروع التحديث، أبرزها غياب
البرامج الحزبية الفعّالة واستمرار ظاهرة شراء المقاعد. هذه التحديات، بحسب
تصريحاته، تعكس فشلًا في تحقيق الأهداف الجوهرية للتحديث السياسي، محذرًا من أن
اعتماد الأساليب التقليدية في تشكيل المشهد السياسي قد يفرغ المشروع من محتواه
ويعيق تحقيق تطلعات الشارع الأردني.
أكد
الرفاعي أهمية وقف التدخلات الرسمية في العملية الانتخابية، سواء على مستوى
الانتخابات النيابية أو النقابية، مشددًا على ضرورة احترام إرادة الناخبين وضمان
نزاهة العملية الانتخابية كخطوة أساسية لإعادة بناء الثقة. كما انتقد غياب تعريفات
واضحة للاتجاهات السياسية، ما أدى إلى تحرك الأحزاب في فراغ فكري، مع التركيز على
متطلبات شكلية بدلًا من تقديم رؤى واقعية تلبي طموحات المواطنين.
وأشار
الرفاعي إلى عجز الأحزاب عن تقديم برامج قابلة للتنفيذ، مستشهدًا بوعود انتخابية
غير واقعية مثل رفع الرواتب دون تحديد مصادر التمويل. هذا التخبط، وفقًا له، يعكس
حاجة ماسة لإعادة بناء العمل الحزبي على أسس صلبة قادرة على قيادة مشروع التحديث
السياسي.
مع
اقتراب انتخابات النقابات المهنية في فبراير المقبل، يراها المراقبون فرصة حقيقية
لاختبار مدى التزام مراكز القرار بمبدأ النزاهة السياسية. نجاح هذه الانتخابات
سيكون مؤشرًا على صدق التوجه نحو التحديث واستعداد الدولة للتخلي عن ممارسات
"الهندسة" والسماح للهيئات العامة بممارسة حقها في الاختيار بحرية.
تصريحات الرفاعي جاءت كرسائل واضحة إلى الأطراف المعنية كافة، من الأحزاب التي عليها مراجعة سياساتها وبرامجها، إلى مراكز القرار التي تواجه تحدي توفير بيئة سياسية نزيهة. نقده للتجربة السياسية لم يكن مجرد تشخيص للمشكلات، بل دعوة جادة لإعادة تقييم التجربة وضمان تحقيق الأهداف الوطنية المنشودة.
ختامًا،
شدد الرفاعي على أن نجاح مشروع التحديث السياسي يتطلب إرادة سياسية صادقة، برامج
حزبية نابعة من الواقع، وممارسات تتسم بالشفافية. ما طرحه يمثل خريطة طريق لبناء
مستقبل سياسي أكثر استقرارًا، يرتكز إلى الثقة المتبادلة بين المواطن والمؤسسات،
ويخدم الوطن بمصداقية ووضوح.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق